لأن الإنسان عندما يولد من الله في المعمودية ينسب لله ولكي ينسب لله لابد أن يخرج من مملكة الشيطان ويدخل في مملكة الله. أي ملكوت الله أي تخرجون من مملكة الشيطان وتدخلون في مملكة ربنا. ولذلك يلزم قبل التغطيس شيء مهم وهو جحد الشيطان. وفي جحد الشيطان تعطى إحساسًا بالمعنى. عند جحد الشيطان ينظر الإنسان إلى الغرب. لماذا؟ لأن الغرب إشارة للهلاك وإشارة للموت والشرق إشارة للحياة. حتى الفراعنة كانوا يجعلون الغرب للمقابر والشرق للمعابد. لأن الشرق كما سبق يشير للحياة والغرب يشير للموت. والشخص الذي يجحد الشيطان يرفع يده اليسار. فيكون ناظرًا للغرب ورافع يده اليسرى إشارة إلى أنه محكوم عليه بالموت والهلاك. اليسار إشارة للهلاك والغرب إشارة للموت. ولذلك أصلًا نعمل المعمودية في الجهة الشمالية الغربية لماذا؟ لأن الداخلين في المعمودية محكوم عليهم بالموت والهلاك. موت الجسد وموت الروح. هلاك أي موت الروح، الموت موت الجسد محكوم عليه بالموت. قديمًا كان الهيكل اليهودي يدخلونه من الشرق اتجاههم الغرب لأنهم كانوا يذهبون الجحيم الآن ندخل من الغرب للشرق. نتطلع إلى الحياة لأننا نذهب إلى الفردوس الآن ننعم بالحياة ففي جحد الشيطان الإنسان ينظر إلى الغرب إعلانًا على حكم الموت المسجل عليه. ويرفع يده اليسار إشارة على إنه هالك خارج المسيح في مملكة الشيطان جحد لا رجعه فيه. بعد جحد الشيطان وقبل المعمودية نتجه للشرق. واحد رفض الموت فيتطلع إلى الحياة. ينظر إلى الشرق إذا كان الشخص كبير ينظر إلى الشرق ويرفع يده اليمنى. إشارة إلى الحياة وإشارة إلى الخلاص. إذا كان طفلًا صغيرًا أمه تحمله على يدها اليمنى وترفع يدها اليسرى وتقول صيغة الإيمان بالمسيح والكنيسة والأسرار.
ما أهمية جحد الشيطان قبل المعمودية ؟ ومن أين أتى المعنى الذي يقول إن الشخص الذي يتعمد يخرج من مملكة الشيطان؟ من أين أتت هذه الفكرة؟
السيد المسيح قال إن الشيطان عندما يخرج من الإنسان الذي يسكن فيه بالمعمودية، يطوف في أماكن كثيرة يطلب راحة فلا يجد. فيقول أرجع إلى مسكني الأول، فإذا رجع ووجده مكنوسًا مزينًا، فيحضر ليدخل هو ومعه سبعة أرواح أشر منه. وكلمة سبعة هنا تشير إلى كمال سيطرة الشيطان الروحية على الإنسان أي في كمال قبضته فتكون أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله. فهنا الطقس لم يأت من فراغ. كلمة السيد المسيح عملت عقيدة والعقيدة ترجمت في الطقس وهذا هو حلاوة دراسة الطقس. إن الإنسان يعرف المنبع، من أين أتى. فكرة جحد الشيطان والخروج من مملكة الشيطان لم تأتى من فكر الكنيسة لكن أتت من فكر المسيح له المجد. ودائمًا أمور الشيطان يكشفها المسيح الذي يعرف هذه المملكة نحن لا نعرفه. وكل ما قيل عن الشيطان ومملكته أخذ من فم السيد المسيح أو من أفواه القديسين الذين اختبروا حرب الشيطان وعرفوها جيد. إذًا نحن في الطقس نترجم الإيمان سواء بالولادة أو الدفن أو الصبغة أو الخروج من مملكة الشيطان.
5- الخليقة الجديدة في المسيح :
"إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة. فالأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدًا" (2كو 5 : 17). الحقيقة من أروع الأمثلة التي توضح فكرة الخليقة الجديدة البيضة والكتكوت. البيضة جسم ميت لكن فيها كائن حيّ لذلك تعتبر البيضة رمزًا للقيامة لأنها حياة تخرج من موت. موت يلد حياة. الذي يحدث في المعمودية هو إقامة من الموت. نموت مع المسيح ونقوم. هناك فرق بين الكتكوت كخليقة والبيضة كخليقة. الكتكوت وهو في البيضة لا يسمعك ولا تسمعه ولا يشعر بالحياة. هو حيّ ولكن لا يستمتع بالحياة. لكن بمجرد أن يخرج من قشرة البيضة يبدأ يشعر بالحياة.
"إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة". قبل المعمودية الإنسان حيّ لكن لا يستمتع بالحياة مثل الكتكوت الذي هو بداخل البيضة، لكن وقت أن خرج من البيضة أصبح خليقة جديدة في المسيح، لأنه مات في المسيح فاستطاع أن يقوم.
"الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديد". بعد أن يخرج الكتكوت من البيضة ترمى القشرة، "الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديدًا". لا أحد يبقى على قشرة البيضة. ماذا نفعل بها؟ الكتكوت خرج. الكتكوت وهو داخل البيضة يشير إلى الإنسان وهو داخل سلطان الخطية. داخل سلطان الشيطان. القشرة الخفيفة التي تحوى الكتكوت داخلها هذه تشير إلى سلطان الشيطان على النفس يحرمه من الإحساس بالحياة. لكن مجرد ما يخرج يستمتع بالحياة ويفقد الشيطان سلطانه على هذه النفس. ولادة الإنسان الجديد الذي يتجدد بحسب صورة خالقه. نرى كيف أن الوحي الإلهي يعطينا الفكرة. الفكرة تبقى عقيدة والعقيدة تترجم من خلال الطقس.
كل هذه أمثلة تؤكد الفكرة. إذا كان الإنسان يولد من جديد بالمعمودية روحيًا فهو يولد خليقة جديدة بلا خطية. وهذه فكرة تجديد الطبيعة بالمعمودية لذلك نلبسه الملابس البيضاء وفوقها الزنار الأحمر. لكي نعلن أن النقاء الذي أخذه الطفل المولود من الماء والروح المولود من الله هو بفعل دم المسيح ونراه بالثوب الأبيض وفوقه الزنار الأحمر نقول حبيبي أبيض وأحمر. كما قالت عروس النشيد على المسيح. فيكون هناك صورة المسيح الكامل في نقائه وفاعلية الفداء من خلال الزنار. والزنار يربط من فوق الكتف الأيمن إلى تحت الإبط الأيسر. لماذا؟ معناها أن المسيح رفعنا من أسفل اليسار إلى أعلى اليمين. هذه قيمة دم المسيح أو الخلاص الذي تممه السيد المسيح. وهذا الفكر الإيماني هو الذي يترجم في الطقس الكنسي.