عرض مشاركة واحدة
قديم 01 - 12 - 2021, 07:22 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: مصاهرة المخالفين في المذهب والملة والموطن

وكمثال رابع: البيت الأرثوذكسي يصوم يوميّ الأربعاء والجمعة من كل أسبوع صومًا انقطاعيًا ينتهي بتناول طعام نباتي خفيف مشاركة في صليب المسيح. ويعتبر صوم هذين اليومين علامة إيمانه المسيحي، وإعلانًا لهذا الإيمان، وممارسة فعلية لحياته الإيمانية، ويعتبره أمرًا مخجلًا إن احتوت المائدة طعامًا مفطرًا في أحد هذين اليومين لأنه بمثابة إنكار واضح لإيمانه بصليب المسيح وبعمل المسيح كله من أجل خلاص العالم(1).

هذا عدا حرصه على الأصوام الأخرى المقررة في الكنيسة وما تحمله من تحفظات جسدية، وما تتطلبه من مستوى معين من التبتل والتعفف عن أمور خاصة لها اعتبارها في تنظيم الحياة الزوجية والأسرية وتعكس أثرها على المستوى الروحي للأسرة عمومًا. فتتقدم بهم في العبادة والروحانية من درجة إلى أخرى وتدربهم على حياة الفضيلة وتمتعهم بحرية العقل وصفاء الذهن وحرارة الروح ولذة العشرة مع الله.

كما ينظر إلى هذه الأصوام بكل تقديس واحترام لأن كلا منها يستند إلى نص أو أكثر من الكتاب المقدس، وقد رتبها الرسل والبطاركة الأولون بإرشاد الروح القدس وعاشت بها الكنيسة ومن ثم وجب حفظها بدون نقص واضعًا اعتباره لتحذير الرسل بأن كل من تكبر وحل هذه الصيامات بدون علة جسدانية فليفرز من جماعة المؤمنين(2).



وكمثال خامس: المسيحي الأرثوذكسي يهتم جدًا بقراءة الإنجيل يوميا حسب ترتيب كنيسته الموضوع من ألفين من السنين وهو يفهم الإنجيل من خلال الفكر الآبائي أي فكر الآباء الأوائل الذين تسلموا الإيمان من الجدود الذين تسلموه من الرسل القديسين، ويفهمه من خلال الحياة الإنجيلية التي تعيشها الأسرة المسيحية منذ ألفي عام وتسلمها لأبنائها جيلا بعد جيل، ويفهمه من خلال نظام وطقس الحياة التعبدية للكنيسة المستقيمة الرأي التي بقيت راسخة كالطود على مر العصور. ويفهمه من خلال كتابات الكنيسة الأولى القوية النقية فيما قبل الانقسام والانشقاق وقبل اختلاف الرأي والمذاهب، ويفهمه من خلال الالتزام بمبدأ الفهم المتكامل لكلمة الله، أي فهم كل آية بما لا يتعارض مع بقية آيات الكتاب المقدس، لأنه ينظر إلى الكتاب المقدس على أنه وحدة لا تتجزأ ولا تعارض بين آياته، ويستبعد في فهم وتفسير كلمة الله مبدأ الحرية الفردية والاتجاهات الدينية الشخصية المنضوية تحت لواء فكرة خاصة أو مذهب معين كما يحدث أحيانا مع فرد أو مجموعة أفراد يتبنون اتجاها خاصا ويمضون في استخراج وانتقاء بعض الآيات المؤيدة لاتجاههم ولمذهبهم الجديد بل ويحاولون إخضاع بقية الآيات في تفسيرها لخدمة هذا المذهب وبذلك يبعد الواحد منهم عن الموضوعية في تفسير الكلمة وفي فهمها مما يشوه المقصود الحقيقي والهدف الروحي لها.



وكمثال سادس: المسيحي الأرثوذكسي له عبادته الكنسية بمنهجها الإنجيلي الرسولي ذات الترتيب الخاص والصلوات المقدسة التي لها عمقها ودسامتها ولها الطريقة الخاصة بتأديتها، وتتمركز هذه العبادة وفكر الذين يشتركون فيها حول المذبح وذبيحة المسيح الكائنة عليه (انظر عب13: 10، 1كو10: 16-21، رؤ5: 6) فالكنيسة عنده هي بيت الله وهى باب السماء وفلك نوح، من عاش خارجها أغرقته مياه طوفان بحر العالم الزائل. أما تسابيحها وصلواتها فكلماتها روحانية إلهية وفاعليتها قدسية نارية، لأنها كلها كلمات من الوحي الإلهي الملتهبة. ونظام عبادتها سمائي ملائكي. فيها كاهن (بى ابريزفيتيروس = شفيع) يحمل عن شعبه طلباتهم لدى الله كما يحمل من الله كلمته وأسراره المقدسة إليهم. أما مذبحها فهو العرش الإلهي، وذبيحتها هي وليمة عرس ابن الملك. وحفظ العبادة بها في نظره هو حفظ للوصية (خر31: 13) وعيشة في راحة الأبدية (رؤ1: 10).

بل إنه على حد قول أحد الآباء "يعتبر كل قداس يقام بها أو يسمع فيها عملا عظيما ومستحبا جدًا، لأنه يبدو عنده كما لو كان المسيح ينزل في ذلك اليوم عينه في أحشاء البتول ليتجسد، أو كما لو كان يتألم ويموت معلقًا على الصليب لأجل خلاصه".

وقداسها الإلهي عنده أعمق وأعظم وأمتع صلوات في الوجود كله، وقيمته فائقة لديه بسبب ارتباطه بشخص المسيح كذبيحة حية يقدمها لنا لنتحد به في نهاية الخدمة كنصيب صالح بعد عبادتنا وتسبيحنا له وشركتنا الروحية معه.

وعلى حد قول أحد الآباء أيضًا "لا يخدعن أحد نفسه لأنه إذا لم يكن الإنسان متحدًا بالمذبح فهو محروم من خبز الله، ومن يفصل نفسه عن الكنيسة ولا يجتمع مع الجماعة وقت تقديم الذبيحة فهو يحسب ذئبًا مهما كان مظهره معتدلًا".
  رد مع اقتباس