عرض مشاركة واحدة
قديم 01 - 12 - 2021, 06:45 PM   رقم المشاركة : ( 15 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: تقنين القداسة في العهدين

رابعًا: تقنين التقليد الكنسي لقدسية الزواج
1 - كرامة الزيجة الأولى:
من مظاهر القداسة في المسيحية تأكيد الكنيسة في طقسها لمبدأ الزيجة الواحدة في ذهن الإنسان المسيحي. حتى لا يتطرق فكره إلى أكثر من زيجة طيلة أيام حياته على الأرض. لذلك خصت الزواج الأول وحده بالكرامة في مراسمه وطقوسه التي تعبر عن سمو وعظمة ما يشير إليه سر الزواج، والغاية الروحية العليا منه.

فتبدأ مراسم الزيجة بعقد الإملاك تشبها بالسيد المسيح الذي اقتنى الكنيسة بدمه (أع20: 28). ثم ارتداء العريس للبرنس مثل حلة ملوكية تشبها بالملك الذي جلست العروس عن يمنيه (مز45: 9). ثم التوشح بالزنار مثل وشاح الملوك علامة الدخول في عهد بين الزوجين وبينهما وبين الله ليعيشا بالأمانة له ولبعضهما البعض، ثم طلبات وابتهالات لاستمطار بركة الرب التي بارك بها زواج آدم وحواء وزواج رؤساء الآباء وزواج عرس قانا الجليل. ثم الدهن بالزيت للاختيار والتخصيص لأسرة ستنضم إلى مملكة السماء. لذلك يُسمى دهن الفرح؛ فرح العربون السعيد للاختيار لعضوية المملكة الأبدية، ثم لبس الأكاليل للعروسين تتويجًا لعضويتهما في الأسرة المالكة، ورمزًا لتمتع الكنيسة الملكة بجلوسها عن يمين المسيح الملك في الأبدية. ثم الشدو بألحان الفرح والتهليل بهذا الزفاف السعيد. وهى الصورة المصغرة لزفاف العُرس السماوي.

2 - فقر الزيجة الثانية ورفض الكثيرين لها:
أما الزيجة الثانية فهي في طقس الكنيسة خالية من التوشح بملابس العُرس، وفقيرة جدًا في كل أمجاد ومباهج الإشارات الروحية التي تربطها بأمجاد العُرس الأبدي. وذلك لكي تعلِّم الكنيسة أبناءها عدم فرحها الحقيقي بالزيجة الثانية، مؤكدة تمنياتها مع بولس الرسول بأنه حسنًا أن يلبث الإنسان هكذا كما يقول "أنت منفصل عن امرأة فلا تطلب امرأة" (1كو7: 27). والمرأة أيضًا إن كانت منفصلة عن رجل فلا تطلب رجلًا. وتاريخ الكنيسة يذكر الكثير من النساء القديسات اللاتي ترملن ولم يقبلن زيجة ثانية.

وكمثال على رفض الزيجة الثانية بتصميم؛ القديسة أوفيمية التي توفى زوجها وحسب وصيته كانت تهتم بتذكارات الملاك ميخائيل والسيدة العذراء والتجسد كل شهر قبطي، وتقوم فيها بتوزيع الصدقات، فحسدها الشيطان وظهر لها في شكل راهب ينصحها بأن تتزوج وتكف عن الصدقات لئلا ينفذ مالها. فأجابته "قد قررت مع نفسي عهدًا بأن لا ألتصق برجل بعد زوجي. لأنه إذا كانت الطيور كاليمام والغربان لا تعرف ذكرًا آخر بعد الأول، فأولى بالبشر الذين خلقوا على صورة الله ومثاله أن يكونوا هكذا". فتركها الشيطان غاضبًا، وعاود محاولًا إقناعها مرة أخرى وكاد يؤذيها بالضرب، لولا أن أنقذها الملاك ميخائيل الذي أخبرها أنه قد حان موعد نياحتها.

هذه الأرملة رفضت الزيجة الثانية حبًا في التبتل والانصراف لعبادة الله وعمل الخير مع المساكين. وكم أغضب هذا الشيطان وأثار حسده.

والقديسة تاؤبستي كانت قد تزوجت ورزقت ولدًا واحدًا، ومات رجلها وهى شابة، فعزمت على حياة الرهبنة بعد أن اطمأنت على رعاية ابنها وبدأت بسيرتها الروحانية، ولم يمضِ عليها عام حتى تنيحت. وفي ليلة نياحتها ألبسها الأسقف إسكيم الرهبنة في رؤيا. وكان إنسان وثنى مقعد ملبوس بشيطان عندما اقترب إلى جسدها بعد نياحتها برئ في الحال وخرج منه الشيطان وآمن مع أهل بيته.

هذا نموذج آخر لسيدة متزوجة ترملت ورفضت الزيجة الثانية فصار لمس جسدها سببًا في شفاء المرض وإخراج الشيطان.

3 - شرعية الزيجة الثانية:
ولا يعنى هذا أن الزيجة الثانية خطية ولا تعنى أن صاحبها إنسان غير صالح فالكنيسة تسمح له بها ربما لعدم امتلاكه القدرة على ضبط النفس فالأفضل له أن يتزوج كما يقول معلمنا بولس "إن لم يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا لأن التزوج أصلح من التحرق" (1كو7: 9) كما يقول أيضًا "لكن كل واحد له موهبته الخاصة من الله" (1كو7: 7).

كذلك قد يكون صاحبها أرملًا غير قادر على خدمة نفسه لكثرة مشغوليته أو لضعف صحته أو لعدم خبرته في أعمال البيت أو يكون له أبناء محتاجون إلى خدمة ورعاية ولا يوجد من أقاربه من يرعاهم.

وبعض الرجال المترملين يكون معاشهم كبيرًا ويكون لهم سكن على مستوى طيب فيرتبطون بزواج حتى تؤول هذه إلى زوجاتهم من بعد رحيلهم.

أما الأرملة فقد تحتاج إلى زيجة ثانية في حالة احتياجها لمن ينفق عليها خصوصًا إذا كان أهلها غير قادرين أو أن لها أبناء محتاجين إلى الإعالة.

كذلك قد تكون الزيجة الثانية زيجة أولى وذلك للذين أخذوا تصريحًا ببطلان زواجهم الأول وخصوصًا أن كثيرين منهم يكونون أبكارًا لأن بطلان زواجهم يكون قد انبنى على علة عضوية أو نفسية لأحد الزوجين.

وتقول كتب الكنيسة "الكنيسة لا تمنع إعادة الزيجة عن الذين يريدون أن يتحدوا بزيجة ثانية رجالًا كانوا أو نساء بعد وفاة أحد الزوجين. لأن الموت يحل الرباط بين الزوجين ولا يوجد عندئذ مانع لعمل رباط جديد بين متعاقديْن". ويقول القديس أغسطينوس "من عادة الناس أن يتباحثوا في مسألة الزواج الثالث أو الرابع وهلم جرا. وعليه فأجيب. لا أتجاسر أن أشجب شيئًا في مثل هذا الزواج ولا أقدر أن أحدد ما لم يحدده بولس الرسول نفسه. فإنه يقول إن المرأة مقيدة بالناموس ما دام زوجها حيًا. ولم يقل الزوج الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع بل قال إن مات زوجها تعتق فلتتزوج بمن تشاء لكن في الرب فقط. فهل يمكن أن يزاد شيء على هذا الحكم. لا أعلم". وإن كنا ضربنا أمثلة ببعض الأرامل ممن رفضن الزيجة الثانية فهن نموذج لمستوى معين لحياة القداسة حسب ما أُعطي لهن من موهبة. وحسب الواقع نرى كثيرات وكثيرين من الذين ترملوا يمرون بنفس الأسباب التي ذكرناها وتعطيهم الحق في زواج ثانٍ ولكنهم يرفضون الزيجة الثانية مصممين على قضاء بقية أيام حياتهم في التبتل مستريحين من مسئوليات الزواج ومشغولياته. ولكننا نعود فنقول "كلٌ له موهبته وقامته الروحية وظروفه الخاصة أيضًا".

  رد مع اقتباس