3 - القداسة صفة أساسية لعموم المسيحيين:
إن كانت القداسة ضرورة حتمية في حياة المسيحيين بالنسبة لولادتهم الروحية ولصيرورتهم هياكل للروح القدس، وإن كان لها أهمية عظيمة لمصيرهم الأبدي وحياتهم السماوية فليس غريبًا أن تكون صفة عامة أساسية ولازمة لهم جميعًا بكل فئاتهم. وذلك كما توضحه كلمة الله حيث بالنسبة للأولاد يقول معلمنا بولس "لكن المرأة ستخلص بولادة الأولاد إن ثبتوا في الإيمان والمحبة والقداسة مع التعقل" (1تى2: 15). وبالنسبة للبنات يقول "غير المتزوجة تهتم فيما للرب لتكون مقدسة جسدًا وروحًا" (1كو7: 34). وبالنسبة للمتزوجين يقول "هذه هي إرادة الله قداستكم.. أن يعرف كل واحد منكم أن يقتني إناءه بقداسة وكرامة، لا في هوى شهوة كالأمم الذين لا يعرفون الله. أن لا يتطاول أحد ويطمع على أخيه في هذا الأمر. لأن الرب منتقم لهذه كلها" (1تس4: 3-6). وبالنسبة للعجائز يقول "كذلك العجائز في سيرة تليق بالقداسة" (تى2: 3). وبالنسبة للجميع يقول "وأما الزنا وكل نجاسة أو طمع فلا يُسَمَّ بينكم كما يليق بقديسين" (أف5: 3) كما يقول أيضًا معلمنا بطرس "أي أناس يجب أن تكونوا أنتم في سيرة مقدسة وتقوي" (2بط3: 11).
إذًا الكل مطالبون بحياة القداسة وبذلك تكون القداسة فعلًا صفة عامة وضرورية لجميع المسيحيين. ويجب أن يعي هذا كل من الزوجين لكي يتعاونا معًا على اقتناء حياة القداسة.
4 - الواقع الفعلي للقداسة بين المؤمنين:
يبدو هذا الواقع في أسلوب ممارسة أعمال الجسد في حياة أبناء العهد الجديد. حيث هناك أسلوب المستوى الروحي العادي للذين هم في طقس الزيجة الذين يعتبرون أمورهم الجسدية وتأدية واجباتهم نحو الله كل منهما لا يعطل الآخر ولا يناقضه. وهؤلاء يحسون بالرضا والسلام بينهم وبين الله في هذا المستوي بعلاقتهم به.
وهناك أسلوب مستوي روحي أعلى وذلك بين المتزوجين الذين يحسون بالسعادة أكثر كلما زهدوا في أعمال الجسد، وذلك لأنهم اختبروا أنه عندما يُمارس الإنسان أي عمل جسدي فإنه يؤصل جذور هذا العمل في كيانه الجسدي ككينونة حية لها قوانينها البيولوجية التي تعمل بها، وتؤصل نظامًا لحياته وعاداته. وكل عمل جسدي له تأثير سلبي على انطلاق الروح وممارساتها الروحية وأحيانًا تجعلها مشوشة أو فاترة أو خالية من الفرح الروحي والتعزية، وأقرب إلى عمل اعتيادي أو آلي منه إلى عمل إرادي نابع من رغبة سارة يَسْعَدُ الإنسان بها. وهذا التشويش أو الفتور هو ما يعتبرونه معطلًا للروح عن فرحها بعلاقتها بالله.
ويتأكد هذا لهم في ما يختبرونه في فترات الصوم حيث يزداد النشاط الروحي، وتهدأ حركات الجسد ويبطل شغب الجسم، وتنضبط انفعالاته، وتتمتع الروح بربيع الحياة الروحية المزهرة والتي يفوح عبير طهارتها ويُشيع في النفس فرحًا وسلامًا وغبطة.
والذين يتذوقون حلاوة أيام الصوم روحيًا كم يتمنون لو طالت هذه الأيام! ولربما هذا المستوى من الأزواج مشجع لتهدئة غضب الأزواج الذين تكثر خلافاتهم ومشاجراتهم بسبب الأمور الجسدية.