القداسة بالمسيح:
فالمسيح قدَّم ذاته ذبيحة لكي يقدسنا بدمه كما يقول معلمنا بولس "يسوع أيضًا لكي يقدس الشعب بدم نفسه تألم خارج الباب" (عب13: 12). وبهذا الألم "صار لنا (يسوع) حكمة من الله وبرًا وقداسة وفداء" (1كو1: 30). أي صار لنا ينبوعًا للحكمة والبر والقداسة والفداء وبه نصير حكماء ونتبرر ونتقدس وبه لنا الفداء. أما نحن في ذواتنا "جهال وضعفاء وأدنياء وقد اختارنا الله ليخزى بنا الحكماء والأقوياء والشرفاء" (1كو1: 27-29).
إذًا ليس لنا نحن حكمة ولا بر ولا قداسة بأنفسنا بل بالمسيح وحده الذي دعانا إليه لكي يهبها لنا. حتى إذا أراد أحد أن يفتخر فليفتخر بالرب الذي منه كل هذه.
وتقديسنا بالمسيح يتم بالاعتماد من الماء والكلمة كما يقول معلمنا بولس "أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها مطهرًا إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة مقدسة وبلا عيب" (أف5: 25-27).
والماء في حد ذاته ليس له قوة لتقديسنا وتبريرنا ولكنه يأخذ قوته في المعمودية من كلمة الله التي تقرأ عليه ومن اتحاده بزيت الميرون المأخوذ من الحنوط الذي ضُمدت به جراحات جسد المسيح القدوس وبحلول الروح القدس عليه بفعل الصلاة التي هي أيضًا من كلمة الله.
وإن كنا نلنا التقديس بالمعمودية مرة واحدة في حياتنا إلا أننا نستعيد تقديسنا وتبريرنا كلما مارسنا عمل المعمودية من خلال توبتنا وتناولنا من جسد المسيح ودمه. لأنه كما يقول معملنا يوحنا "ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية" (1يو1: 7). لذلك مهما اجتهدنا في تنفيذ الوصايا بقوتنا الذاتية فلا قداسة لنا بعيدًا عن نعمة المسيح ومساندته وعن الوسائل التي رسمها لنا لنوال عطايا تقديسنا. وهو قد وهبها لنا من محبته لنا، إذ اختارنا له لكي يحضرنا أمامه مقدسين وبلا عيب.
إذًا وصايا الطهارة والنقاوة الروحية والجسدية لا تقدس بذاتها ولكن تلتزم بها النفس لتؤهل ذاتها لنوال التقديس بدم المسيح وتحقق دعوتها إلى حياة القداسة التي دعاها الله إليها. وموضوعنا كله ينصب على هذه الوصايا كتشريع وتقنين لقداستنا التي ننالها بعمل ذبيحة الصليب. ونبدأ بتشريع العهد القديم أولًا.