حـ - تأثير العفة على الطرف الآخر:
هذا من جانب الإنسان فيما يخصه هو في شخصه. أما من جانب زوجه فإن العفة في أمور الجسد بالذات عامل هام في ارتياح زوجه لأن كثيرين من الأزواج والزوجات يضيقون بشراهة الطرف الآخر في أمور الجسد وينفرون منه ويبحثون عن وسائل مختلفة للهروب منه وذلك بالتظاهر بالانشغال في داخل البيت أو باللجوء للخروج من البيت. وقد يلجأون للشكوى للآخرين إذا لم يجدوا حدًا تقف عنده شراهة الطرف الآخر.
كما أن للشراهة آثارها السلبية على نفسية كلا الزوجين. لأنه كما يقولون "ما زاد عن حده انقلب إلى ضده". فمن الملاحظ أن كل لذة زائدة يصحبها ألم. فإن ضَحِك الناس كثيرًا بزيادة يضطربون من توقعهم ألمًا آتيًا. لذلك يختمون ضحكهم بتوجههم إلى الله بقولهم "اللهم اجعله خيرًا" تحسبًا لأي شر يقع. إنه كلام عادي ولكنه قانون إلهي "ويل لكم أيها الضاحكون الآن لأنكم ستحزنون وتبكون. طوباكم أيها الباكون الآن لأنكم ستضحكون" (لو6: 25،21). كذلك انشغال الزوجين الزائد بالشهوات يتعبهما من جهة أنه يسبب لهما:
1 - التوتر المستمر بسبب التعطش المتواصل لإشباع هذه الشهوات التي قال عنها الحكيم "كل الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن" (جا1: 7) ويشبهها الآباء بالنار كلما ألقيت لها حطبًا كلما زادت اشتعالًا وطلبت المزيد من الحطب.
2 - إهمال الجوانب الروحية. بل قد يصل الأمر إلى احتقارها كما احتقر عيسو البكورية من أجل أكلة عدس.
3 - فقدان التلذذ بأي عمل روحي لأنه عبثًا يستطيع الإنسان أن يجمع بين التلذذ بشهوات الجسد ومتعة الروح. فالعداوة قائمة بينهما لأن كلا منهما يشتهي ضد الآخر ويقاومه ولا يمكن أن يجتمعا معًا.
4 - القلق المستمر من جهة المصير الأبدي والخشية من الموت بسبب الخوف من مقابلة الله واقشعرار البدن عند السماع عن الدينونة وعن النار الأبدية بسبب طغيان الجسد الفاني على اهتمامات الروح الخالدة.
إذًا ليتنبه الزوجان لتجنب الانغماس الزائد في شهوات الجسد، وليسعيا لاقتناء العفة لأن فيها الراحة والسلام والصحة لهما والطمأنينة من جهة مصيرهما الأبدي.
د - بعض العوامل المساعدة على حياة العفة:
1 - تنظيم العلاقات الجسدية وعدم التفكير فيها إلا في حدود ما تم تنظيمه والاتفاق عليه ثم الإقلال منها بالتدريج مع مرور الوقت.
2 - تجنب كل ما يثير شهوة الجسد من أطعمة وأشربة وعقاقير وملابس ومناظر وصور وقصص وفكاهات وأحاديث.
3 - الاهتمام بالحياة الروحية من أجل تنمية الزهد في أمور الجسد، وتقديمه ذبيحة حب لله أكثر من استغلاله في الشهوات.
4 - تغيير نظرة كل من الزوجين إلى جسد الآخر من أنه مِلكٌ وحلال لإشباع رغبة إلى أنه جسد يستحق الخدمة والتكريم وتخفيف أعباء الحياة عنه.
5 - عدم رفع الكلفة في التعامل مع الناس مهما كانت صداقتهم أو درجة قرابتهم.
6 - شغل أوقات الفراغ بزيارات عائلية أو أعمال منزلية أو جلسات عائلية أو أنشطة علمية أو فنية أو خدمات اجتماعية.
7 - الحضور الدائم لله في فكر الإنسان وفي مشاعره بالتدرب على الصلاة القصيرة الدائمة. ومن أجل العفة يمكن ترديد "قلبًا نقيًا اخلق فيَّ يا الله وروحًا مستقيمًا جدده في أحشائي" (مز50: 10) وعبارة التسبحة "اجعل لك فينا هيكلًا لروحك القدوس يعطيك تمجيدًا".