السؤال العاشر
هناك أناس لهم قلب طيب وأعمالهم صالحة مع أنهم لا علاقة لهم بالمسيح فهل أمثال هؤلاء يحرمهم الله من ملكوت السماء لأنهم لم يعتمدوا؟
الإجابة.
المعمودية هي الولادة من الماء والروح، وبها ننال التبني لله أما نوال الملكوت فهو على سبيل نظام الوراثة بحسب مفهوم الكتاب القائل: "فإن كنا أولادا فإننا ورثة أيضا، ورثة الله ووارثون مع المسيح. إن كنا نتألم معه لكي نتمجد أيضًا معه، فإني أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا" (رو8: 17- 18). لقد تكررت كثيرًا كلمة الملكوت في الكتاب، لكن ما هو مفهوم الملكوت في الكتاب المقدس؟ إن الملكوت هو روحي وليس مادي، لذا لن يوافق البشر الأرضيين، ولذا لابد من التبني لله لننعم به، ولكننا سنشرح ذلك في النقاط التالية:
أولًا: نوال ملكوت الله والخلاص أمر روحي:
الملكوت روحي في طبيعته، ويُؤَهل له من هو روحي فقط:
إنه أمر روحي يفوق كل تصور بشري مادي، ولا يمكن أن يعادله كل أمور هذه الحياة المادية. وإن كان الملكوت روحي وسماوي، فكيف يرث الإنسان المادي الترابي والفاسد بالطبيعة الملكوت الروحاني ببعض أعمال مادية بسيطة؟! لقد أكد الرب يسوع لنقوديموس ضرورة الولادة الروحية من فوق بقوله: "الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللهِ. اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ" (يو3: 5- 6). ولكن ردًا على تساؤل البعض عن جزاء أعمال غير المؤمنين الصالحة، مع أنهم لم يقبلوا معرفة الرب كفادٍ ومخلص نجيب: إنهم يجنون ثمار أعمالهم الصالحة على الأرض، ولكن هذا لا يعفيهم من عقاب أفعالهم السيئة بعدما رفضوا نعمة الله المقدمة لهم من الله. ملكوت الله لا يحقق سعادة الإنسان النفساني: يستحيل على الإنسان الجسداني النفساني أن يتذوق الأمور الروحية؛ لأن الأمور الجسدية عكس الأمور الروحية على طول الخط، فالإنسان الجسداني صعب عليه أن يسعد أو يستريح للعطاء، أو للبذل من أجل الآخرين؛ لأنه أناني، ولا يحب الآخرين، ولا يمكنه الاتضاع، أو احتمال الآخرين. هو متكبر يدور حول محور ذاته فقط، ولذلك يطلب كرامته. لا يريد الخضوع لأحد ولا لله ذاته. هو شهواني يريد التنعم واللذة، ولا يكف في طلب تلك الأمور وهكذا.. وبالطبع لا وجود لمثل هذه الأشياء في ملكوت السماوات. بالإجمال لا تتفق طبيعته وطبيعة الله الروحية المحبة الطاهرة. لقد أعلن لنا معلمنا بولس الرسول هذه الحقيقة قائلًا: "لأَنْ لَيْسَ مَلَكُوتُ اللهِ أَكْلًا وَشُرْبًا، بَلْ هُوَ بِرٌّ وَسَلاَمٌ وَفَرَحٌ فِي الرُّوحِ الْقُدُسِ." (رو14: 17). إننا كأناس روحيين قد وُهبنا طبيعة جديدة لها إمكانية الحياة في ملكوت السماوات.
ثانيًا: العلاقة بين الرب يسوع المسيح والملكوت:
إن معرفة الرب يسوع هي بعينها الملكوت:
الملكوت أساسًا، وقبل كل شيء، هو المعرفة العميقة لشخص الرب يسوع في كل مجده. إن الرب يسوع هو الأبرع جمالًا من بني البشر بحسب قول داود النبي: "أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالًا مِنْ بَنِي الْبَشَرِ. انْسَكَبَتِ النِّعْمَةُ عَلَى شَفَتَيْكَ، لِذلِكَ بَارَكَكَ اللهُ إِلَى الأَبَدِ." (مز45: 2). وإن كانت رؤية التلاميذ للرب -فوق جبل طابور- في مجده مبهرة، فكم وكم تكون عمق معرفته، أو الحياة معه على الدوام في ملكوت السماوات.