الموضوع
:
أنبا موسى.. طوباك
عرض مشاركة واحدة
27 - 11 - 2021, 09:38 PM
رقم المشاركة : (
2
)
بشرى النهيسى
..::| VIP |::..
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة :
124929
تـاريخ التسجيـل :
Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة :
مصر
المشاركـــــــات :
25,621
رد: أنبا موسى.. طوباك
من الظلمة إلى الأنوار:
سأل القديس إيسيذورس موسى قائلًا: مَنْ هو الذي جاء بك إلى هنا؟ فأجاب موسى: أخبرني أحد المزارعين عن قداستك وقال لي: امضي إلى أنبا إيسيذورس فهو يساعدك على خلاص نفسك. فعبق رائحة التقوى والقداسة لا يمكن أن يُخفى بل يفوح ليملًا كل مَنْ حوله برائحة زكية وكريمة - هكذا كانت سيرة العظيم أنبا إيسيذورس. وسأله ثانية ماذا كان معبودك إذن؟ أجابه: إنني لست أعرف الله، بل كانت زائغًا في شروري، وحالما تأثرت من سماعي عن رهبان الإسقيط تحرَّكت لعبادة إلهي، ولم أكن أعرف سوى الشمس إلهًا، لأنني لما تطلَّعت إليها وجدتها أنها هي التي تنير المسكونة بضيائها والظلام يحل بغيابها.. لقد عرفت أن هناك إلهًا آخرًا لا أعرفه أعظم من الشمس والنجوم والكواكب.. وقلت لله: أيها الرب الإله الساكِن في السماء، مُهدي الخليقة كلها، أهدني إليك الآن وعرِّفني ما يرضيك. ولما سمعت أن رهبان شيهيت يعرفون ا لله أتيت إليك لتخبرني وتسأل عني حتى لا يغضب عليَّ لأجل شرّ أعمالي، ولا يهلكني لأجل قبائحي غير المعدودة.
عجيب أنت أيها القاتِل السارق الزاني، من أين أتيت بهذه القوة والصمود أمام مُحاربات الشيطان القوية؟! مَنْ يستطيع أن يتخلَّى عن كل هذه الملاذ والمُغريات العالمية والشهوات الجسدية بهذه السهولة، ونحن نعلم أن "الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ، وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ" (أم 9: 17)، "لأَنَّهَا طَرَحَتْ كَثِيرِينَ جَرْحَى، وَكُلُّ قَتْلاَهَا أَقْوِيَاءُ" (أم 7: 26). مع ما تفوَّه به موسى وقف مرشده مندهشًا من فِعل التوبة داخل الإنسان، فأخذه بيده لكي يقيمه من سقطته ولا يدعهُ فريسة سهلة لشيطان اليأس، لكي لا يُضَخِّم له شروره وجرائمه وييأس من توبته كما يفعل مع البعض منها، فالبعض يقول مع ميخا النبي وموسى الأسود: "لاَ تَشْمَتِي بِي يَا عَدُوَّتِي، إِذَا سَقَطْتُ أَقُومُ. إِذَا جَلَسْتُ فِي الظُّلْمَةِ فَالرَّبُّ نُورٌ لِي" (مي 7: 8). والبعض يترك نفسه لفِكر اليأس، فيبتلعهُ ويرفض التوبة متحججًا بعدم قبولها، وذلك لكثرتها وفظاعتها..
فإن أتاك هذا الفِكر المدمر ضع أمام عينيك أيها الحبيب قصة قديسنا العظيم الأنبا موسى الأسود.. وافعل كما فعل في أنه ركع أمام قس الإسقيط القديس إيسيذورس واعترف علنًا بجرائم حياته في تواضع وانكسار، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في السيرة. وهذا هو مفتاح قبول التوبة وعملها داخل القلب، مَنْ رفضها وعدم الشعور بقيمتها وقمرها. وبعد اعترافه بجرائمه وشروره سلَّمه القديس إيسيذورس إلى أبيه القديس أنبا مقار الكبير، الذي وضعه تحت رعايته فترة من الزمن، ثم سلَّمه إلى أنبا إيسيذورس مرة ثانية ليستكمل معه مشوار التوبة حتى عمَّده وصار مسيحيًّا، ثم أرسله إلى القديس مكاريوس مرة أخرى. ثم ابتدأ موسى بالاعتراف علنًا في الكنيسة بجميع خطاياه وقبائحه الماضية، وكان لصدق موسى وتوبته القوية أن كشف الله عن عيني القديس مكاريوس فرأى لوحًا مكتوبًا عليه كِتابة سوداء، ولكما اعترف موسى بخطية مسحها ملاك الله حتى انتهى من الاعتراف فوجد الله صار كله أبيضًا.
وقد قيل عن موسى التائب: أنه لما بدأ موسى يداوم على الصلاة ï»*ï؛چï»ںï؛کï؛„ﻣï»، ï؛‡ï؛« ï؛‘ï؛ژï»ںï؛¸ï»´ï»„ï؛ژﻥ ï؛چï»ںï؛¬ï»± ï»›ï؛ژﻥ ﻳُï»گï؛®ï»³ï»ھ ﻋï»*ï»° ï؛چï»ںï؛¨ï»„ï»´ï؛” ﻣﻨï؛¬ ï؛»ï؛’ï؛ژﻩ ﻳﻈﻬï؛® ï»ںï»ھ ï؛‘ï؛¼ï»®ï؛*ï؛“ٍ ﻣُï؛®ï»‹ï؛’ï؛”ٍ ﻣﻄï؛ژï»ںï؛’ًï؛ژ ï؛‘ï»”ï؛®ï»³ï؛´ï؛کï»ھ ï؛چï»ںï»کï؛ھﻳﻤï؛”، ﻓï؛¤ï؛ژï؛*ï؛‘ï»ھ ï؛‘ï؛¸ï؛ھّï؛“. ï»*ï»» ï؛³ï»´ï»¤ï؛ژ ﻓﻲ ï؛·ï»¬ï»®ï؛چï؛—ï»ھ ï؛چï»ںï؛*ï؛´ï؛ھï؛چﻧﻴï؛” ï؛£ï؛کï»° ï؛ƒï»*ï؛·ï»ڑ ﻋï»*ï»° ï؛چï»ںï»´ï؛„ï؛±. ولكنه ذهب مرة أخرى إلى أبيه وأخبره بكل ذلك ولم يخفي عنه شيئًا، كما نفعل في بعض الأحيان ونشتكي أننا نقع في نفس الخطايا مئات المرات. فالعيب ليس في الإرشاد ولكن في أمانة المُعترف مع أبيه الروحي.. فالشيطان يهرب حينما يرى نفسه قد فُضِح وفُضِحَت أعماله النجسة أمام الأب الروحي.
وقد قيل عن الأنبا موسى: أنه في بِدء رهبنته كان يمارس النسك بغيرة شديدة، فكان لا يأكل سوى خبز جاف بالإضافة إلى أنه كان يتلو خمسين صلاة كل يوم، مع الأعمال الشاقة الكثيرة التي كان يعملها، وهكذا كان يُميت جسده، إلا أنه كان يشعر كأن نارًا تشتعل في ميول وشهوات الجسد، وظلَّت الأحلام تزعجه. فذهب مسرعًا إلى أبيه أنبا إيسيذورس كاشِفًا فِكره ومحارباته مشتكيًا هذا الصراع العنيف قائلًا: ماذا أفعل يا أبي؟ إن الأحلام الشريرة تظلم ذهني فتستيقظ كل الميول النجسة الرديئة ولا سيما ليلًا، حيث تصوِّر أمامي الحفلات الصاخبة التي كنت أشارك فيها في العالم وكل مشاعر الخطية.. فأجاب الأب: هذا يحدث لك لأنك لا تهرب من تصوّراك، فواظِب على الصلاة الكثيرة والصوم، وكن مستيقظًا لحياتك وتحكَّم في حواسك، وثِق أنك ستنتصر على الشيطان وتتغلَّب على جسدك الثائر. فقوِيَت عزيمة أنبا موسى وعمل بهذه المشورة إذ ألزم نفسه ألا يرقد طوال الليل حتى يثني ركبته.
ولعلَّ الشكوى التي تفوَّه بها موسى التائب قد نشكو منها نحن وهي كثرة المُحاربات أثناء الصلاة، أو أثناء الليل وتلويث الذهن.. فالعلاج ليس البُعد عن الصلاة، كما يتفوَّه البعض ويتخيَّل البعض الآخر، ولكن العلاج في ثلاث كلمات: السهر - الجهاد - الاتضاع. ومن خلال الطلب المستمر من الله أن يرفع عنَّا هذه الأفكار وينظر إلينا ويعيننا ويرفعها عنّا كما عمل مع موسى الشرير القاتل السارق الزاني، وأصبح أقوى الأبرار وقديس يُحتَذَى به في حياة التوبة، هكذا يفعل معك الله برحه القدوس الذي يلهب قلبنا بالتوبة، ويحثنا على تقديمها بدون يأس واتضاع وأمانة كاملة مع أب الاعتراف لكي يقبلها الله، وننمو فيها حتى تصبح حياتنا نقية، ونسمع ما سمعه موسى يوم رسامتهُ كاهِنا: ها قد صرت أبيضًا كلك من الداخل والخارج يا موسى. وليعطنا الرب أن نرضي اسمه القدوس طول أيام حياتنا.
الأوسمة والجوائز لـ »
بشرى النهيسى
الأوسمة والجوائز
لا توجد أوسمة
بينات الاتصال لـ »
بشرى النهيسى
بينات الاتصال
لا توجد بينات للاتصال
اخر مواضيع »
بشرى النهيسى
المواضيع
لا توجد مواضيع
بشرى النهيسى
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى بشرى النهيسى
البحث عن كل مشاركات بشرى النهيسى