نلاحظ في هذا اللقاء المبارك:
1- حسب المنطق الإلهي فإن الكبير يطلب الصغير.. ويبحث عنه لكي يضمه بالحب ويحمله على منكبيه... هكذا "الله أحبنا أولًا"، لقد بادر بالحب ونزل إلينا إذ لا نقدر نحن أن نرتفع إليه.. هو ينحني ليحملنا من التراب وينتشلنا من الأعماق ليدخل بنا إلى أحضان الآب ويرفعنا إلى سمواته، يسوع وهو في بطن العذراء يسرع بتقديس يوحنا المعمدان الذي كان لم يزل بعد في بطن أمه، ويسوع ذهب إلى يوحنا إذ أراد يسوع أن يقدس معمودية يوحنا بنفسه ليعتمد.
إن حملنا مسيحنا القدوس نتقدس فننطلق إلى كل موضع مشتاقين أن يقدس الكل معنا!
2- استحقت مريم أن تكون والدة الإله فصار عليها أن تصعد الجبال وتبقى في المرتفعات!
3- إذ حملت القديسة مريم كلمة الله محب البشر جاء لقاؤها مع أليصابات رقيقا للغاية، تحمل روح الخدمة في اتضاع.
4- دخلت مريم لبيت أليصابات تحمل عريسها في أحشائها لذلك إذ سلمت عليها يقول الإنجيلي: "فلما سمعت أليصابات سلام مريم ارتكض الجنين في بطنها، وامتلأت أليصابات من الروح القدس" (لو 1: 41).
ليتنا في زياراتنا ولقاءاتنا مع الآخرين نحمل إليهم مسيحنا القدوس الذي يبهج أحشاءهم الداخلية ويلهب روحه القدوس فيهم، عوض أن نحمل معنا أفكارًا شريرة وكلمات إدانة فنملأهم غما ونطفئ الروح في داخلهم.
وقد لاحظ الدارسون أن كلمة " ارتكض " بالعبرية جاءت بمعنى "رقص"، هي ذات الكلمة التي استخدمت حين رقص داود النبي أمام التابوت.
بينما كانت العذراء وأليصابات يتحدثان بكلمات النعمة ؛ كان الجنينان يحققان في الداخل عمل المراحم الإلهية.
إذ امتلأ يوحنا من الروح القدس تقدس وهو في بطن أمه لكي يعمد الرب.
5- انطلق لسان أليصابات يعلن عما في داخلها منسجمًا ومتناغمًا مع جنينها يوحنا إذ "صرخت بصوت عظيم وقالت: مباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك، فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إلى؟! فهوذا حين صار صوت سلامك في أذني ارتكض الجنين بابتهاج في بطني، فطوبى للتي آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو 1: 42 – 45).
لقد طوبت أليصابات مريم لأنها صارت أما لله خلال تجسد الكلمة، وقد بقيت الكنيسة عبر الأجيال تطوبها، فقد وقف القديس كيرلس الكبير يتحدث أمام آباء مجمع أفسس، قائلًا: "السلام لمريم والدة الإله، كنز العالم كله الملوكي، المصباح غير المنطفئ، إكليل البتولية، صولجان الأرثوذكسية، الهيكل غير المفهوم، مسكن غير المحدود، الأم وعذراء، السلام لك يا من حملت غير المحوى في أحشائك البتولية المقدسة"