ثالثًا : الذبائح قبل عصر موسى:
(1) أول مرة نقرأ عن الذبائح هو ما جاء عن هابيل، وقبول الله لذبيحة. ويرى كثيرون أن سبب رفض الله لقربان قايين هو خلو قربانه من الدم، وإن كان الكتاب لا يذكر هذا صراحة .
0)
(2) ثم نقرأ عن نوح عقب خروجه من الفلك: "وبني نوح مذبحًا للرب وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح، فتنسم الرب رائحة الرضا" (تك 8: 20و21). وكان ذلك تعبيرًا عن شكره وتعبده لله، وهكذا "صار وارثًا للبر الذي حسب الإيمان" (عب11: 7).
(3) ولا نقرأ عن إبراهيم أنه قدم ذبائح في أور الكلدانيين أو في حاران، ولكن عندما وصل إلى شكيم "بني هناك مذبحًا للرب الذي ظهر له" ( تك 12: 7). وعندما انتقل إلى بيت إيل "بني هناك مذبحًا للرب ودعا باسم الرب" (تك 12: 8). ولما عاد إلى "مكان المذبح الذي عمله هناك أولًا دعا هناك باسم الرب"( تك 13: 4) ثم عندما نقل خيامه "وأتى وأقام عند بلوطات ممرا التي في حبرون، بني هناك مذبحًا للرب" (تك 13: 18). يأمره الرب أن يأخذ "عجلة ثلاثية وعنزة ثلاثية وكبشًا ثلاثيًا ويمامة وحمامة". "فأخذها وقدمها ذبيحة للرب "حيث قطع الرب مع ابرام ميثاقًا" (تك 15: 9و10و18). وأقام إبراهيم في بئر سبع ودعا هناك باسم الرب الإله السرمدي (تك21: 33).
ونقرأ في الأصحاح الثاني والعشرين من سفر التكوين عن كيف أوشك إبراهيم أن يقدم ابنه إسحق محرقة، وكان ذلك امتحانًا لقوة إيمانه وتعبده لله، و"هناك ناداه ملاك الرب من السماء... لا تمد يدك إلى الغلام... فرفع إبراهيم عينيه ونظر وإذا كبش وراؤه ممسكا في الغابة بقرنيه. فذهب إبراهيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضًا عن ابنه" (تك11:22 13). ويقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين: "بالإيمان قدم إبراهيم إسحق.. الذي قبل المواعيد وحيده.. إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات أيضًا، الذين منهم أخذه أيضًا في مثال" (عب17:11 19). فكان ذلك مثالًا لعمل الفداء العظيم حين قدم ابن الله نفسه كفارة عن كل العالم (1يو2:2).
(4) أيوب: والأرجح أنه عاش في زمن الآباء، وكان يقدم باستمرار ذبائح عن أولاده لأنه قال: "ربما أخطأ بني وجدفوا على الله في قلوبهم. هكذا كان أيوب يفعل كل الأيام" (أيوب 5:1). فكان غرضه هو التكفير عن أي خطية محتملة. وهكذا قدم أصدقاؤه محرقات بناء على أمر الرب (أيوب 7:42 9).
(5) إسحق: يبدو انه كان لإسحق مذبح دائم في بير سبع، كان يقدم عليه ذبائح بانتظام تعبيرًا عن شكره وتعبده لله، وتكفيرًا عن نفسه وقومه (تك25:26).
(6) يعقوب : عندما ظهر الله له في حلم ووعده بالبركة له ولنسله، "بكر في الصباح وأخذ الحجر الذي وضعه تحت رأسه وأقامه عمودًا وصب زيتًا على رأسه" (تك18:28) وبعد أن قطع عهد سلام مع خاله لابان: "ذبح ذبيحة" ودعا إخوته ليأكلوا طعامًا (تك 54:31). كما أقام مذبحًا في شكيم (20:33). وعندما عاد إلى بيت إيل"بنى هناك مذبحًا" (7:35). وعندما وصل إلى بير سبع، في طريقه إلى مصر، "ذبح ذبائح لإله أبيه إسحق" (1:46).
(7) بنو إسرائيل في مصر: لا شك في أن بني اسرائيل شاهدوا المصريين يقدمون الذبائح لآلهتهم، فعندما طلب موسى من فرعون أن يطلق الشعب ليعيدوا في البرية " ونذبح للرب إلهنا" (خر 1:5 3، 16:7) لم يندهش فرعون، بل سأله من هم الذين يذهبون؟" (8:10). ولما أراد فرعون أن تبقى الغنم والبقر، قال له موسى:" لا يبقى ظلف. لأننا منها نأخذ لعبادة الرب إلهنا" (خر26:10).
)
وبعد ذلك ذبحوا الفصح ورشوا الدم على القائمتين والعتبة العليا، فعبر الملاك المهلك عنهم حسب وعد الرب: "فأرى الدم وأعبر عنكم"(خر13:12).
(8) يثرون: كاهن مديان وحمو موسى، فعندما قابل موسى وسمع عن كل ما عمله الله مع شعبه أخذ يثرون "محرقة وذبائح لله" (خر12:18).
والخلاصة هي أنه من الواضح أن الذبائح كانت الجزء الأساسي في العبادة في كل العالم القديم، فكان دخان الذبائح يتصاعد باستمرار من المرتفعات والمعابد.