الموضوع: الاضطهاد
عرض مشاركة واحدة
قديم 17 - 11 - 2021, 02:38 PM   رقم المشاركة : ( 8 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: الاضطهاد

رابعًا: نتائج الاضطهاد:
لقد كان للاضطهاد نتائجه الطيبة، فالله وحده هو الذي يقدر أن يخرج من الآكل أكلا ومن الجافي حلاوة:

(1) أدى الاضطهاد إلى ظهور شهود أمناء للمسيح، من الرجال والنساء، بل ومن الفتيان والفتيات، لم تنجح كل وسائل الترغيب والترهيب في إثنائهم عن ثباتهم، فبفضل هذه الاضطهادات، برز رجال مثل إغناطيوس وبوليكاربوس وكوادراتوس وترتليان وأوريجانوس وكبريانوس وكثيرين غيرهم. فالمسيحي الحقيقي -كما شهد بذلك الوالي بلينى- لا يمكن إجباره على إنكار إيمانه، فالضربة التي سحقت القش -كما قال أغسطينوس- هي التي فصلت الحبوب الثمينة التي اختارها الرب.

(2) أثبت الاضطهاد أن الإيمان المسيحيى خالد لا يموت، حتى في هذا العالم، فليس لملك المسيح نهاية، فروما الوثنية -وهي بابل العظيمة كما يسميها الرسول يوحنا في سفر الرؤيا- بذلت أقصى جهدها للقضاء على كنيسة المسيح، وقد سكرت " من دم القديسين" (رؤ 17: 6)، ولكنها لم تفلح في القضاء عليها، لقد سمح الله لهذا الجبروت الغاشم أن يستمر نحو ثلاثة قرون، سالت فيها دماء أولاده أنهارًا، لكي يقنع العالم أنه وإن " قام ملوك الأرض وتآمر الرؤساء معًا على الرب وعلى مسيحه" (مز 2: 2)، فستنتهي كل مؤامرتهم بالفشل، لقد وعد الرب أن " أبواب الجحيم لن تقوى " على كنيسته (مت 16: 18)، وهو " في وسطها فلن تتزعزع. يعينها الله عند إقبال الصبح". (مز 46: 5) لقد كانت تمسك بها يد القدير في وسط تلك الأعاصير، ولم تبلغ الكنيسة أقصى قوتها ونموها وامتدادها وازدهارها، إلا في أيام الاضطهاد.

وماذا جرى للقوة العالمية الطاغية التي كانت تضطهدها ؟ لقد سقطت أمام ضربات القبائل المتبربرة، التي اكتسحت الإمبراطورية، واعتنقت المسيحية وكوَّنت دول أوربا الحديثة، وحمل أحفادهم رسالة الإنجيل إلى أمريكا وأستراليا وأفريقية، وإلى كل العالم.

(3) لقد كان الاضطهاد -إلى مدى بعيد- عاملًا هامًا في حفظ تعاليم الرب يسوع المسيح الصحيحة، ففي عصور الاضطهاد ماتت الغنوسية، وانهزمت الآريوسية. وفي مجمع نيقية الذي انعقد في 325 م. كان من بين الحاضرين الذين اشتركوا في المناقشات، وفي إصدار قرار المجمع، الكثيرون ممن كانوا يحملون في أجسادهم "سمات الرب يسوع" بسبب ما تحملوه -في سبيل إيمانهم- من تعذيب وآلام.

لقد أدى الاضطهاد إلى هذه النتائج المباركة، لأن حكمة الله سمحت بذلك لخير الكنيسة، فهو يمسك بيده مقاليد كل الأمور، ويجعلها جميعها تعمل للخير لأولاده. وكما قال ترتليان: "إن دم الشهداء هو بذار الكنيسة ".

لقد أثرى الاضطهاد تاريخ الكنيسة، وأثمر هذا التراث الضخم من سير الشهداء، الذين لولا الاضطهاد، لما عرفنا عنهم شيئًا. لقد شعروا، في وسط الآلام والعذابات، بوجود المسيح معهم حسب وعده، فتشددوا وتشجعوا، واستقبلوا الموت بفرح، إذ عن طريقه سيلتقون بالرب الذي أحبهم ومات لأجلهم، ووعد قائلًا: "كن أمينًا إلى الموت، فسأعطيك إكليل الحياة" (رؤ 2: 10).

  رد مع اقتباس