النحل في الكتاب المقدس:
النحلة حشرة من ذوات الأجنحة الغشائية ، وتوجد منها نحو خمسة أنواع ، وكلها تطير وتتغذى على رحيق الزهور وحبوب اللقاح ، فهى بذلك تساعد بارتيادها للزهور - على إتمام عملية التلقيح ، فهى حشرة مفيدة للنبات . والنحـــل البــــري لا يعيــــــش في جماعــــــــات ، أما نحـل العسل فيعيش فى جماعات أو خلايا تتميز بالنظام الدقيق .
ويذكر النحل بالاسم أربع مرات في العهد القديم ، ففي سفر التثنية يذكِّر موسى الشعب المتمرد بما حدث لهم عندما خرج عليهم الأموريون ، فيقول : " وطردوكم كما يفعل النحل " ( تث 1 : 44 ، ارجع أيضاً إلى مز 118 : 12 ) . وقد وجد شمشون " دبر ( سرباً ) من النحل في جوف الأسد مع عسل " ( قض 14 : 8 ) . والأرجح أن الإشارة هنا إلى نوع من النحل البري . ويقول الرب للشعب القديم تأديباً لهم : "يكون في ذلك اليوم أن الرب يصفر للذباب الذى فى أقصى ترع مصر ، وللنحل الذي في أرض أشور " ( إش 7 : 18 ) ، ويستخدم هنا الذباب والنحل مجازياً للدلالة على جيوش مصر وجيوش أشور في كثرتها .
وكان طعام يوحنا المعمدان " جـــراداً وعســــلاً برياً " ( مت 3 : 4 ) . وقد ظل عسل النحل مادة التحلية الرئيسية حتى القرن الثامن عشر ، حين صنع السكر من البنجر ومن قصب السكر . ومازال الناس فى البلاد المتأخرة - يجمعون عسل النحل البري لهذا الغرض . وقد بدأت تربية النحل الداجن فى مصر القديمة ، ومنها انتشرت إلى غيرها من البلدان .
العسل في الكتاب المقدس:
كان للعسل ثلاثة مصادر :
( 1 ) العسل المصنوع من عصير العنب أو البلح ويسمى " الدبس " ( وهي الكلمة العبرية للعسل – تك 43 : 11 ، 1 مل 14 : 3 ، 2 مل 18 : 32 ) .
( 2 ) العسل الذي يصنعه النحل البري ، وكان يتساقط من جذوع الأشجار التي يتخذ النحل من الشقوق فيها ، خلايا له ( 1 صم 14 : 25 و 26 ) ، أو في هيكل عظمي لحيوان ( قض 14 : 8 و 9 ) ، أو في شقوق الصخور ( تث 32 : 13 ، مز 81 : 16 – انظر ؟أيضاً مت 4 : 3 ، مرقس 1 : 6 ) .
( 3 ) العسل الذي يصنعه النحل الذي يربيه الإنسان ، ويضع له الخلايا في الحدائق والحقول ( 2 أخ 31 : 5 ) .
وكان العسل يستخدم في صنع الفطائر ( انظر خر 16 : 31 ) ، كما كان يستخدم في بعض العلاجات ، فيقول الحكيم : الكلام الحسن شهد عسل حلو للنفس وشفاء للعظام " ( أم 16 : 24 ) . وكان يعتبر من الهدايا المقبولة ( 2 صم 17 : 29 ، 1 مل 14 : 3 ) ، بل كان يعتبر شيئاً ثميناً يستحق أن يوضع في الخزائن في الحقل ( إرميا 41 : 8 ) . كما كان من البضائع التجارية ( حز 27 : 17 ) .
وكانت كنعان تشتهر بالعسل منذ أزمنة قديمة ، فيسجل تحتمس الثالث فرعون مصر ( 1483 – 1450 ق . م . ) أنه أحضر مئات من جرار العسل من أرض كنعان ، أخذها جزية من تلك البلاد . بل إن " سنوحى " الرحالة المصري - في عهد الأسرة الثانية عشرة ( حوالي 1950 ق . م . ) يذكر أن ( عسلها كثير وزيتونها وفير " . وفي كتابات أوغاريت : توصف أرض كنعان بأنها البلاد التي تقطر سمواتها زيتاً ، وتفيض أخاديدها عسلا ( انظر أيوب 20 : 17 ) .
وقد حَّرمت الشريعة تقديم العسل وقوداً للرب ، ولكن كان يمكن تقديمه قربان أوائل أو باكورة ( لا 2 : 11 و 12 ) . ولعل ذلك كان لاحتمال تخمره ، أو لأنه يرمز لملذات العالم وريائه ونفاقه ، فيوصف بأنه الكلام المعسول ( انظر أم 5 : 3 ، 25 : 16 ) .
وتوصف أرض كنعان بأنها " أرض تفيض لبناً وعسلاً " ( خر 3 : 8 و 17 ، 13 : 5 ، 33 : 3 ، لا 20 : 24 ، عد 13 : 27 ، تث 6 : 3 ، يش 5 : 6 ، إرميا 11 : 5 ، حز 20 : 6 و 15 ... إلخ ) ، وذلك كناية عن الخصب والخير الوفير . كما توصف بأنها " أرض زيتون زيت و عسل " ( تث 8 : 8 ، 2 مل 18 : 32 - انظر أيضاً أي 20 : 17 ). والعسل مضرب المثل في الحلاوة ، فيقول عريس النشيد لعروسه : " شفتاك با عروس تقطران شهداً . تحت لسانك عسل ولبن " ( نش 4 : 11 ، انظر أيضاً نش 5 : 1 ) . ويقول المرنم إن أحكام الرب ، أي أقواله " أحلى من العسل وقطر الشهاد " ( مز 19 : 10 ، انظر أيضاً مز 119 : 103 ، حز 3 : 3 ، رؤ 10 : 9 ) . ويقول الرب لأروشليم على فم حزقيال النبي : " أكلت السميذ والعسل والزيت ، وجملت جَّداً جَّداً فصلحت لمملكة " ( حز 16 : 13 و 19 ) كناية عن أفضال الله التي غمرها بها ( انظر أيضاً مز 81 : 16).