+ الشرط الثاني أن الله لا يسمح بالضيقة إلا ومعها المنفذ...
أي تأتى المشكلة ومعها الحل. فلا توجد تجربة وهي حالكة الظلام، دون أية نافذة من نور... فليس هناك مجال لليأس. إن الحل موجود، وربما يحتاج إلى شيء من الوقت، يمنح صاحب التجربة فضيلة الصبر وانتظار الرب. حيث ينظر إلى المشكلة في رجاء، يرى الحل بعين الإيمان قادمًا من خلال محبة الله وقدرته... والله قادر أن يمنح الاحتمال والصبر.
+ ينبغي أن نعلم أيضًا أن التجارب التي يسمح بها الله، هي للخير. أو تنتهي بالخير...
فكل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الرب.
حتى إن كانت المشكلة تبدو شرًا في ذاتها، فإن الله بصلاحه قادر أن يحوّلها إلى خير
وهكذا فالإنسان المؤمن يؤمن بخيرية التجارب، سواء في وقتها أو فيما بعد... ولهذا فإن التجارب لا تطحنه، ولا تضغط عليه، ولا تفقده سلامه. وكثيرًا ما كنت أقول:
"إن الضيقة سُميت ضيقة، لأن القلب قد ضاق عن أن يتسع لها. أما القلب الواسع فلا يتضيّق بشيء".
+ شرط رابع للتجربة: إن لها زمنًا محددًا تنتهي فيه..
فلا توجد ضيقة دائمة تستمر مدى الحياة... ولهذا ففي كل تجربة تمرّ بك، يمكنك أن تقول "مصيرها أن تنتهي" أي سيأتي وقت تعبر فيه بسلام... إنما عليك -خلال هذا الوقت- أن تحتفظ بهدوئك وبسلامة أعصابك. فلا تضعف ولا تنهار، ولا تصغر نفسك أمام التجربة. ولا تفقد الثقة في تدخل الله ومعونته وحفظه..
واعلم أن التجارب نافعة بلا شك. ولولا منفعتها، ما كان الله الشفوق يسمح بها..
وما أكثر الفضائل التي يمكن أن نحصل عليها، إن كنا نتعامل مع الضيقات بطريقة روحية.
إنها تقوى النفس، وتمنحها ألوانًا من الخبرات، سواء في معالجة المشاكل، أو في الرجاء والإيمان بعمل الله. أو في الحكمة التي يقتنيها المختبرون، أو في التدرب على الصمود وقوة الثبات أمام الضيقة حتى تنتهي، مع التدرب على الاحتمال والصبر...
ولولا الدخول في بوتقة التجارب، لأصبحت النفوس هشّة مدلّلة لا تقوى على شيء، ولم تتدرب على الدخول في الصعاب واحتمالها..