* ومخافة الله تعود أيضا إلي الجدية في الحياة الروحية, وأن يكون الإنسان ملتزما علي الدوام. أما حيث لا تكون هناك مخافة, فبالتالي لا توجد ضوابط, ويتحول الشخص إلي التسيب واللامبالاة.. أما الإنسان الملتزم الجاد, فإنه يقول في نفسه إن الله سوف يحاسبني علي أدق الأمور. فلا يجوز أن أتهاون أو أتساهل لذلك فهو يحاسب نفسه علي كل تصرف, بل أيضا علي كل أفكاره ونياته, وعلي كل صغيرة وكبيرة . ويشعر كما لو أنه واقف أمام جهاز تسجيل, يسجل عليه كل مشاعره وعواطفه.. وهذا المسجل سيذاع في اليوم الأخير, أمام الملائكة وكل البشر. وهكذا فإن المخافة تقود الإنسان إلي النمو الروحي, وما يلزم هذا النمو من الجهاد والتعب, لكي يتقدم في كل يوم عن سابقه, حتى يصل إلي الكمال النسبي المطلوب منه.. وكلما رأي أن الطريق طويل أمامه, حينئذ يصل إلي اتضاع القلب, وتقوده المخافة إلي الخشوع, ليس في وقت الصلاة فقط, إنما في كل حين.
* ومخافة الله تدعوه إلي مزيد من المعرفة, حتى لا يخطئ أو يقصر عن جهل. ولهذا فإنه يلجأ إلي الاستفاضة في القراءة الروحية, وأيضا إلي استشارة المختبرين فيما يحتاج إليه من معرفة أعمق. ويصل كثيرا لكي يرشده الله فيما ينبغي أن يفعله. والذي يخاف الله, لا يركز فقط علي نفسه, بل يهتم كذلك بجميع أحبائه ومعارفه, حتى يقودهم معه إلي مخافة الله, حرصا علي أبديتهم وخلاص أنفسهم, ويبذل في سبيل ذلك ما يستطيعه من جهد.