عرض مشاركة واحدة
قديم 15 - 11 - 2021, 04:44 PM   رقم المشاركة : ( 9 )
بشرى النهيسى Male
..::| VIP |::..

الصورة الرمزية بشرى النهيسى

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 124929
تـاريخ التسجيـل : Oct 2021
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 25,621

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

بشرى النهيسى غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كيف اتخلص من خطية الغضب.. وعلاجه..

نقاوة القلب وليس الانطواء:
البعض يظن أن علاج الغضب يكون بالوحدة والهروب من المجتمع، وفي الواقع أن هذا نوع من الانطواء وليس الوحدة.

الوحدة يلجأ إليها إنسان ناجح في حياته الاجتماعية، يحب الناس ويحبونه. ولكنه يحب الوحدة بالأكثر لأنها تعطيه فرصة للتأمل والانشغال بالله والصلاة والقراءة. وليس لأنه عاجز عن التكيف مع المجتمع المحيط به، وليس كراهية للناس وتعقد القلب من جهتهم..

فالشخص الغضوب إن ذهب إلى الوحدة، يرافقه غضبه فيها! إذن يجب على الإنسان أن يهدئ قلبه من الداخل، وينقي قلبه من الغضب والغيظ. ولا ينفعه أن ينطوي على ذاته، وقلبه ساخط نافر مملوء بمشاعر خاطئة.



المحبة والإحسان والهدايا:
إن أحببنا الناس، أمكننا أن نحتملهم، لأن المحبة "تحتمل كل شيء" (رسالة كورنثوس الأولى 6:13). فإن كان فعل المحبة هو طول الروح، فهي غريبة عن الغضب. لأن الغضب يقيم البغضة والرجز، والمحبة تبطل الثلاثة.

يقول سفر الأمثال: "الهدية في الخفاء تفثأ الغضب" (أمثال 14:21). ولكن موضوع الهدايا هذا يحتاج إلى حكمة. لأنها في حالة قبولها يمكن أن تدل على محبة وتعالج الغضب. أما إن كان قلب إنسان مملوءًا بالسخط، فهناك احتمال أنه قد يرفض مثل هذه الهدية، فيسوء الوضع ويزداد الغضب. فيجب أن يكون مقدم الهدية حكيمًا، ويدرس الموضوع بروية.

أما مقابلة الإساءة بالإحسان، فإنها مبدأ روحي. كما يقول الكتاب: "لا يغلبنك الشر، بل اغلب الشر بالخير"، ويقول أيضًا: "إن جاع عدوك فأطعِمهُ، وإن عطش فاسقه" (رومية 21،20:12).

ويقول السيد في العظة على الجبل: "أحسنوا إلى مبغضيكم" (إنجيل متى 44:5). إن مثل هذا الإحسان يستطيع أن ينزع البغضة من القلب، وبالأولى الغضب.

وفي حالة غضبك من إنسان، ضع في قلبك قول الكتاب: "رابح النفوس حكيم" (سفر أمثال 30:11). وقل لنفسك: لماذا أخسر الناس؟! وهل هذه حكمة أن أخسرهم؟!\


التفاهم والعتاب:
وهذه القاعدة وضعها السيد المسيح نفسه، وتعامل بها مع الكتبة والفريسيين الذين كانوا يقابلون تصرفاته بالغضب. فكان السيد يستخدم معهم طريقة الإقناع، ومناقشة الفكر.

ومن أجمل ما كُتِب عن هذا ما قاله الحكيم يشوع ابن سيراخ: "عَاتِبْ صَدِيقَكَ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَفْعَلْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ فَلاَ يَعُودُ يَفْعَلُ. عَاتِبْ صَدِيقَكَ فَلَعَلَّهُ لَمْ يَقُلْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ قَالَ فَلاَ يُكَرِّرُ الْقَوْلَ. عَاتِبْ صَدِيقَكَ فَإِنَّ النَّمِيمَةَ كَثِيرَةٌ. وَلاَ تُصَدِّقْ كُلَّ كَلاَمٍ، فَرُبَّ زَالٍّ لَيْسَتْ زَلَّتُهُ مِنْ قَلْبِهِ" (سفر يشوع بن سيراخ 19: 13-16).\


التصرف وليس الترسيب:
أما التصريف، فمعناه أنه قد صرف الغضب تمامًا من أعماق قلبه، ولم يعد في داخله أي شيء ضد أخيه. ولا يتم هذا إلا عن طريق المغفرة الكاملة، التي تنسى الإساءة، بل ربما تلتمس العذر للمسيء.. أو عن طريق التواضع العميق..

وعن تصريف الغضب، قال الرسول: "لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء، بل أعطوا مكانًا للغضب" (روميه 19:12)، [ستجد نص الكتاب المقدس كله هنا بموقع الأنبا تكلا] أي افسحوا له مكانًا ينصرف منه.. ولا تكتموه.. "أما الحكماء فيصرفون الغضب" (الأمثال 8:29).

أما الترسيب، فهو صفاء خارجي، مع وجود الغضب كامنًا في أعماق النفس، ثابتًا في الفكر!

مثال ذلك زجاجة دواء مكتوب عليها: "رج الزجاجة قبل الاستعمال"!! يكون فيها الدواء صافيًا ورائقًا من فوق، مع وجود مواد مترسبة في القاع. بحيث إذا رججت الزجاجة، يتعكر السائل الرائق كله، إذ يختلط بما رسب في القاع..

فيحدث لأحد تكررت الإساءة ضده، أن يغضب ليس بسبب هذه الإساءة الجديدة، إنما بسبب القديمة أيضًا!

الترسيب كثيرًا ما يؤثر على المحبة، وعلى نقاوة القلب. وقد يبعد سلبيات الغضب، بينما لا توجد له إيجابيات المحبة. وهو يجعل الآخرين لا يثقون فيك بعد ذلك..
  رد مع اقتباس