رابعًا: التفسير:
1- دعنا نضع بعض الأحداث الأخرى التي لها علاقة بعمر أبرام حتى نرى هل كان عمره 75 أم 135 سنة وقت خروجه. فيقول (تكوين 16: 16) أن عمر إبراهيم كان 86 وقت أن ولدت هاجر Hagar ابنها إسماعيل Ishmael. وفي الآية التالية (تكوين 17: 1)، ظهر له الرب عندما كان عمره 99 ليقيم العهد معه. وأخيرًا كان عمره 100 سنة عند ميلاد اسحق Isaac (تكوين 21: 5). وبالتالي نرى أن العمر الصحيح عند خروجه من حاران هو 75 وليس 135 سنة.
2- يقول (تكوين 11: 26): "عَاشَ تَارَحُ سَبْعِينَ سَنَةً، وَوَلَدَ أَبْرَامَ وَنَاحُورَ وَهَارَانَ". ولكنه لم يعطي أي ترتيب للإنجاب هؤلاء الثلاثة.. وإلا كانوا ثلاثة توائم triplets! ولكن افتراض أن أبرام هو الأول، بسبب ذِكرهُ أولًا، لا يقوم على أساس تاريخي، بل بسبب أنه هو الشخصية المحورية في هذا السِّفر، بل وفي الكتاب المقدس كله.. فهو أبو الآباء..
أي أن تلك الآية تعني أن تارح بدأ في إنجاب الأولاد بعد عمر 70 سنة فواحد أنجبه وعمره 70، وآخر بعد 10 أو 20 سنة.. وثالث بعد سنوات أخرى (من بعد سن السبعين).. وهكذا.. ولا يوجد أي ذِكرٍ في الكتاب المقدس مَنْ منهم كان البِكر، وبما أن أبرام ترك حاران في عمر 75 سنة، فربما يكون هو الابن الأوسط أو أصغر الثلاثة. فهاران أو ناحور وُلِدَ أحدهم عندما كان تارح في السبعون من العمر، والابن الثاني والثالث في أوقات لاحقة.
لذا فالمعادلة الأخيرة توضح، أنه إن كان أبرام لم يخرج من حاران إلا بعد موت أبيه، وكان عمره حينئذٍ 75 سنة، أي (205-75 = 130 سنة). فبهذا يتضح أن أبرام قد وُلِدَ لتارح عندما كان عمر تارح 130 سنة (على الأقل). فذِكر أبرام أولًا لأن سلسلة أنسابه هي المُهَيمنة على باقي أخوته، وهي محور سفر التكوين.
وهناك نقطة أخرى قد تساعد في توضيح الاختلافات في الأعمار، فناحور قد تزوج ابنة هاران (تكوين 11: 29)، كذلك فإن هاران هو أول مَنْ مات (تكوين 11: 28). فربما نرى من هاتين النقطتين أن هاران قد يكون هو الابن الأكبر.
وكما قلنا فإن إبراهيم هو الشخصية المحورية في كتاب التكوين، وفي الكتاب المقدس كله، ونجد ذِكر قليل لناحور في الإصحاحات القليلة التالية، وقليل جدًا عن هاران (لأنه مات قبل موت أبيه). فهذا يوضح أن الترتيب في الآية جاء على أساس الأهمية، وليس على أساس السن.
_____