بيت لحم
ومعناه "بيت الخبز" ويرى البعض أنه يعني "بيت لخمو". الإله الأشورى، ولكن لا سند لهذا الرأي. وهناك مدينتان بهذا الاسم:
أولًا: بيت لحم يهوذا: ويقال لها أيضًا "أفراتة"، وتسمى الآن بيت لحم (بالعربية). وهي مدينة تقع إلي الجنوب من أورشليم على بعد نحو خمسة أميال منها، وعلى ارتفاع نحو 350 ,2 قدما فوق سطح البحر. وتحتل المدينة موقعا متميزا على جرف من جبل يمتد من تجمعات المياه من الأودية العميقة شرقا، إلي الشمال الشرقي والجنوب، وعلى مقربة من الطريق الرئيسي إلي تقوع و"عين جدي"، فهي في موقع حصين بطبيعته، وكانت تحتله حامية فلسطينية في أيام داود (2 صم 23: 14، 1 أ خ 11: 16). كما قام رحبعام بتحصين بيت لحم مع بعض المواقع الأخرى (2 أ خ 11: 6).
وتحيط بالمدينة أرض خصبة تكثر فيها حقول القمح، وأشجار التين والزيتون، وكروم العنب، ورغم عدم توافر الموارد الكافية من المياه للمدينة، إذ أن أقرب نبع يقع على بعد 800 ياردة إلي الجنوب الشرقي، إلا انه لقرون عديدة استخدم السكان القناة المائية المنخفضة المستوى التي تخترق نفقا في التل. كما أن هنالك العديد من خزانات المياه المنحوتة في الصخر.
(1) تاريخها القديم: يصف سفر أخبار الأيام، سلما بن كالب، بأنه "أبو بيت لحم" (أخ 2: 51)، ويسجل سفر التكوين أن "راحيل" دفنت في طريق أفراتة التي هي بيت لحم (تك 35: 19، 48: 7). ويقول التقليد إن قبر راحيل يقع بالقرب من تفرع بيت لحم، من الطريق الرئيسي. وكان اللاويان المذكوران في الإصحاحين السابع عشر والتاسع عشر من سفر القضاة من بيت لحم.
(2) داود البيتلحمي: لقد سكنت راعوث الموابية، والتي جاء من نسلها داود والمسيا في بيت لحم مع بوعز، زوجها الثاني، وكانت تستطيع من مكانها الجديد أن ترى جبال موآب موطنها الأصلي. وكان داود نفسه هو "ابن ذلك الرجل الأفراتي من بيت لحم يهوذا الذي اسمه يسى" (1صم 17: 12). وجاء صموئيل النبي إلي بيت لحم ليمسح داود ملكا خلفا لشاول الذي رفضه الرب، " أما داود فكان يذهب ويرجع من عند شاول ليرعى غنم أبيه في بيت لحم " (1صم 17: 15).
وما زال التقليد يشير إلي موقع معين على انه بئر بيت لحم حيث " شق الأبطال الثلاثة محلة الفلسطينيين واستقوا ماء من بئر بيت لحم الذي عند الباب وحملوه وأتوابه إلي داود" (2صم 23: 16).
ومن تلك المدينة بيت لحم يهوذا جاء أبناء صروية أخت داود والذين كان ولاءهم لداود وقسوتهم البالغة، بمثابة حماية لداود، وفي نفس الوقت كانوا خطرا عليه. وقد دفن احدهم وهو "عسائيل" في قبر أبيه الذي في بيت لحم (2صم 2: 32).
(3) في العصور المتأخرة للكتاب المقدس: يبدو أن بيت لحم بعد زمان داود فقدت أهميتها، ولكن النبي ميخا أنبا بمستقبلها الزاهر: "أما أنت يا بيت لحم أفراتة وأنت صغيرة أن تكوني بين ألوف يهوذا، فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم منذ أيام الأزل" (ميخا 5: 2).
وعند عودة اليهود من السبي، أعاد أبناء بيت لحم تعمير مدينتهم (عزرا 21: 21، نحميا 7: 26).
(4) في العصر المسيحي: تذكر بيت لحم في العهد الجديد باعتبارها مكان ميلاد يسوع المسيح: " ولما ولد يسوع في بيت لحم اليهودية " (مت 2: 1 5، لو 2: 4 15)، ونتيجة لذلك حدثت مذبحة الأطفال الأبرياء بأمر هيرودس الملك (مت 2: 8 و 16). وحيث أن هادريان قد خرَّب بيت لحم تمامًا، وأقام في موضعها نصبا مقدسا للإله "ادونيس"، فلابد أن تكريم تلك المدينة باعتبارها مكان ميلاد المسيح، يرجع إلي ما قبل عصر هادريان (132 م.). وقد أقام قسطنطين الملك (حوالي 330م) كنيسة على الطراز الروماني فوق موقع كهف المذود الذي شهد مولد المسيح. وتعتبر هذه الكنيسة حتى اليوم أهم مقصد للسياح، في المدينة. وهي لم يطرأ عليها تغيير كبير، رغم أن جستنيان قد وسع فيها وزينها، ورغم ما تعرضت له من تهدم وترميم.
وقد ازدهرت بيت لحم في أيام الصليبيين، وأضحت ذات أهمية عظمى، وقد ظلت في أيدي المسيحيين بعد الإطاحة بالمملكة اللاتينية، أما في أيامنا، فهي احد أغنى المراكز المسيحية في الأراضي المقدسة.
ثانيًا: بيت لحم زبولون: وكانت تقع في نصيب سبط زبولون (يش 19: 15) ولعلها موطن "أبصان" قاضي إسرائيل (قض 12: 8 10). وهي الآن قرية صغيرة تحتفظ باسمها القديم "بيت لحم" وتقع على بعد نحو سبعة أميال شمالي غرب الناصرة " على حافة غابة البلوط.
وقد تم مؤخرا الكشف عن بعض الآثار بها، تؤكد أنها كانت في القديم ذات أهمية.