6- لأن تنقصهم الشجاعة بالعمل وبالمطالبة بما هو حق وواجب. بل وينقصنا الإيمان بأن علينا أن نسعى ونتعب بجد لأن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، ولعلنا نلاحظ إن عدد المحتاجين الحقيقيين ضاع وسط المحتالين الذين فضلوا الاستجداء ومد اليد وأخذ ما ليس لهم حق فيه، وطلب المساعدات بطريقة مستفزة في أفنية الكنائس وعلى أبوابها وفي الشوارع، فقد وجدوا ذلك أسهل وأوفر من أن يذهب للبحث عن عمل شاق يبذل فيه الجهد والعرق، فلماذا يفعل ذلك وأمامه طريق سهل وهو ابتزاز الآخرين بكل الطرق والكلام والقصص الكاذبة، فحصيلة اليوم ستكون أكثر مما يأخذه من تعبه وعرقه وجهده.
- فالبعض المتواكل ينام في المنزل ويصلي من قلبه أن يبعث له الله وظيفة مريحة وبراتب مجزي وقريبة من البيت ولها وسيلة نقل مجانية.
- والبعض الآخر يبحث ساعة أو يوم ويستسلم بسرعة ذاهبًا إلى الكنيسة وإلى الكاهن لطلب المساعدة لعدم توفيقه في إيجاد عمل.
- هل بهذا الأسلوب تُبْنَى الشعوب والأوطان والكيانات والبيوت والمستقبل؟
- فقبل أن تأتي إليَّ بأسماء قبطية قليلة نجحت في مجالها لكي نخطأ بها هذا الكلام عليك أن تبحث في تاريخهم وكيف وصلوا إلى النجاح والتألق وسوف تجد في تاريخ كلًا منهم قصة كفاح وحرمان من النوم والراحة والملذات والمآكِل والمشارب المفضلة. سوف تجد كلًا منهم عاش فترات بلا أي مرتكزات معيشية يبني عليها المستقبل، فهم لم يولدوا وفي فمهم ملعقة من ذهب، أو من اُسر شديدة الثراء، أو من أصول عريقة من الناحية المالية، ولكنهم اجتهدوا وثابروا وحرموا أنفسهم من كل سُبل الملذة والرفاهية لكي يكَونوا مستقبل باهر وقد كان لهم بسبب شجاعتهم ومثابرتهم وكدهم وتعبهم.
- فهل تفعل مثلما فعل هؤلاء لكي تأتي بهم كأمثلة لهدم هذه الكلمات؟!
7- لأن تنقصهم الثقة بأنفسهم أو قل انعدام الثقة عند البعض، فالخوف والتوتر والهزة النفسية قد تسيطر على البعض حتى تفقده مثابرته على المصاعب والضيقات وتؤدي به إلى الاستسلام للهزيمة والفشل الذريع.
- ان الثقة بالنفس تمد الإنسان بالعزيمة والشجاعة والمثابرة، والمرء طالما يعتقد بعدالة مطالبه وبأحقيته فيها فلا توجد قوة على الأرض تثنيه عن عزمه والعدول عنه.
- ان العزيمة هي أحد أُسُس النجاح لأن المعتقد القوي يحدث الإرادة القوية، فلا تقوى عليهم إرادة ضعيفة.
8- لأن يوجد بعض المُثبطين والمُحبطين الذين ينطبق عليهم قول السيد المسيح "لكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَتَبَةُ وَالْفَرِّيسِيُّونَ الْمُرَاؤُونَ! لأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ قُدَّامَ النَّاسِ، فَلاَ تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلاَ تَدَعُونَ الدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ." (مت 23: 13).
- لأنك تشعر في هؤلاء ان كل دورهم في الحياة هو تحطيم الآمال، وتثبيط الهمم، وتعجيز النشطاء، وتكسير الأيدي العاملة، والأرجل الساعية نحو التفوق والنجاح، يسعدون بفشل غيرهم، ويبهتجون بإحباط غيرهم.
كل ذلك ينعكس على حياتنا المجتمعية (علمية، عملية، كنسية، دراسية، أسرية، ....).
- فاحذر أيها الحبيب أن تكون أحد هؤلاء.
9- لأن البعض منا (من هؤلاء المعرقلون للنجاح والتفوق) يُحجم عن العمل للإصلاح وعنده الرغبة القوية والفكر المستنير والخبرة الناضجة والعلم الغزير ولكنهم لا يتقدمون ولا يفعلون لكي ينجوا بأنفسهم من كلام الناس المنتقدين وغير المقدرين، قائلين انهم جماعة للنقد وتهدم من يعمل ويسعى.
- هؤلاء المحجبون ساكتين ليس حياءًا منهم ولا رغبة في عدم الظهور ولكن ليستريحوا من مشاكل هم في غنى عنها، ويأخذ جانبًا ويكتفي بما حققه لنفسه ويقول داخله: إنني أمضي باقي أيام عمري في سلام وهدوء بعيدًا عن النقد والتجريح أو قُل بعيدًا عن حلبة المنافسة وإثبات القدرات والكفاءات، وبمرور الوقت يخلو المجتمع من الكفاءات والكوادر التي أعطاها الله وزنات لم تستثمرها، بل قد يتشابه بمن أخذ الوزنة وطمرها في التراب خوفًا عليها.
10- خطورة الخلط في المفاهيم عند البعض، فالتواضع لا يتعارض مع النجاح والتألق، كما ذكرنا سابقاً، والركض في طريق الجعالة لا يتعارض مع المبادئ الروحية، وإنكار الذات ومراقبتها ووضعها في الإطار الروحي السليم لا يتعارض مع توظيف الملكات التي خلقني الله بها توظيفًا حسنًا.
- وان إجتهاد الإنسان وبذله وتضحيته ومثابرته لا يتعارض مع حياة التسليم والاتكال على الله.
فهل التسليم والاتكال على الله يؤدي بي ان أجلس في بيتي وأقول ان الذي يعول الطيور قادر أن يعولني؟ هو قادر فعلًا، ولكن قد ميزني عن طيور السماء بالعقل والبصيرة والحكمة والنطق والنشاط وأجهزة جسم قوية....
- فحتى الطيور التي يعولها الله نراها تطير وتجمع بمنقارها الحبوب وتذهب بها إلى صغارها لتطعمها في فمها.
- وهذه السلبيات السابقة هي أسباب رئيسية تتسبب في عدم نجاحنا مجتمعيًا وعلميًا و.... لعل يأتي الوقت لنقف وقفة حاسمة مع أنفسنا لنرمم الثغر ونقف على أقدامنا وننتبه إلى حياتنا ومستقبلنا، ونرسخ في أذهان أولادنا تعليمًا صحيحًا من خلاله يستطيعون تحدي الصعاب، والقفز فوق الحواجز والموانع لكي نسعى نحو الهدف ونركض لكي نأخذ الجعالة.