القديس مار أفرآم السرياني يعقد مقارنة بين حواء والقديسة مريم، فيقول: "استترت حواء في بتوليتها بأوراق العار. أما أمك "القديسة مريم" فلبست في بتوليتها ثوب المجد الذي يكفي الجميع. قدمت قطعة من الملابس (الجسد) لذاك الذي يكسو الجميع.. بالعين رأت حواء جمال الشجرة، فتشكلَّت مشورة القاتل (الشيطان) في ذهنها.. أما مريم فبالأذن أدركت غير المنظور الذي جاءها خلال الموت. لقد حملت في أحشائها القوة التي جاءت إلى جسدها.. لتصغي حواء أمنا الأولى، ولتقترب إليّ، لترفع رأسها التي انحنت بالعار الذي لحق بها وهي في الجنة. لتكشف عن وجهها وتشكرك، لأنك نزعت عنها ارتباكها! لتحمل صوت السلام الكامل فإن ابنتها دفعت الدين عنها. الحيَّة وحواء حفرا قبرًا وألقيا بآدم المخطئ في الجحيم، أما جبرائيل فجاء وتكلم مع مريم، وهكذا فتح السرّ الذي به يقوم الأموات من جديد.. مريم هي جنة عدن التي من الله، ففيها لا توجد حيَّة تؤذي.. ولا حواء التي تقتل، إنما غُرست فيها شجرة الحياة التي أعادت المنفيين إلى عدن".
القديس أبيفانيوس أسقف سلاميس: "تطلعت مريم إلى حواء وإلى اسمها ذاته "أم كل حيّ"، كإشارة سرِّية عن المستقبل، لأن "الحياة" نفسه وُلِد من مريم، وهكذا صارت "أم كل حيّ". لا نستطيع أن نطبق العبارة "أضع عداوة بينك وبين المرأة" (تك 3: 15) على حواء وحدها، إنما بالحقيقة تحققت عندما وُلِد القدوس الفريد من مريم بغير زرع بشر".
القديس أمبروسيوس أسقف ميلان: ""إذ أراد الرب أن يخلص العالم بدأ عمله بمريم، حتى أنه خلال الخلاص الذي أعد للجميع، تكون هي الأولى تنعم بثمرة الخلاص المقدم بواسطة الابن".
يعوزنا الوقت الطويل والصفحات الكثيرة التي نكتب فيها أمنا وشفيعتنا كليَّة الطهر العذراء والدة الإله، ولا يوفيها كثرة الكلام، ولكن هذه بعض شذرات مما تَغَنَّى به آباء الكنيسة في وصف أم جميع الأحياء، سيدة السمائيين والأرضيين، أمنا الحنونة مريم.