عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 07 - 11 - 2021, 12:02 PM
الصورة الرمزية بشرى النهيسى
بشرى النهيسى بشرى النهيسى غير متواجد حالياً
..::| VIP |::..
 
تاريخ التسجيل: Oct 2021
الدولة: مصر
المشاركات: 25,621


اعتبر صلاتك مجرد تلذذ بعشرة الله، أو كما يسميها بعض الآباء "مذاقة الملكوت".

مجرد وجودك في حضرة الله متعة، حتى لو لم تفتح فمك بكلمة واحدة، حتى لو لم يتحرك ذهنك بأي فكر، كطفل في حضن أبيه ولا يطلب شيئًا سوى أن يبقى هكذا..

ترى ما الذي يمكننا أن نطلبه في ملكوت السموات؟! لا شيء طبعًا. لأن هناك لا ينقصنا شيء حتى نطلبه. إنما نتمتع بما قال عنه المرتل " ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب" (مز 34: 8). الصلاة هي مذاقة الملكوت هذا. نذوق هنا على الأرض ما سوف نتمتع به في السماء...
لذلك قيل عن الصلاة إنها طعام الملائكة.

هي طعام أرواحهم، وهى غذاؤهم الذي يشبعهم. وهكذا أيضًا بالنسبة إلى أرواح القديسين، وكانت على الأرض غذاء للآباء المتوحدين والسواح.. ويتغذون فيها بمحبة الله وعشرته، ومتعة أرواحهم به. كما قال داود النبي للرب "أما أنا فخير لي الالتصاق بالرب" (مز 73: 28)


مبارك هو إلهنا الطيب الذي منحنا أن نصلي. تواضع منه أن يسمح لنا بأن نتحدث إليه.

وتواضع منه أن يصغى إلينا.. من نحن التراب والرماد، حتى نقترب إلى الله، ونقف أمامه ونتحدث إليه..و نضم أنفسنا إلى صفوف الملائكة الواقفة أمام عرشه تسبحه وتبارك اسمه، وتتبارك بالوجود في حضرته. حقًا إنه الخالق، أن يسمح لنا نحن مخلوقاته بهذه الدالة: أن نكلمه ويسمعنا.

لذلك عار كبير وخطية كبرى، أن تقول: ليس لدى وقت للصلاة..!!

هل يجرؤ العبد أن يقول إنه ليس لديه وقت للكلام مع سيده؟! عجيب بالأكثر أن المخلوق ليس لديه وقت للحديث مع خالقه!! إن أمورًا عديدة وتافهة تجد لها وقتًا..

ومحادثات لا قيمة لها، تجد لها وقتًا. لماذا إذن تحتج بضيق الوقت في الحديث مع الله؟!

إن داود النبي كان ملكًا وقائدًا وقاضيًا للشعب، وله أسرة كبيرة، ومع ذلك يقول للرب "سبع مرات في النهار سبحتك على أحكام عدلك" (مز 119) " عشية وباكر ووقت الظهر"، "وفي نصف الليل نهضت لأشكرك.."، "وسبقت عيناي وقت السحر لأتلو في جميع أقوالك" (مز 119).

المشكلة لا تكمن إذن في الوقت، إنما في الرغبة. إن كانت لديك رغبة في الصلاة، فلا شك ستجد وقتًا. لماذا إذن تحتج بضيق الوقت في الحديث مع الله؟!

ثم يجب أن تعرف أن الصلاة بركة لك. وأنك فيها تأخذ، ولست تعطى.

هل تظن أنك تعطى الله وقتًا حينما تصلى؟! وهل الله محتاج إليك أو إلى صلواتك؟! أم أنت تأخذ في الصلاة قوة ومعونة وبركة، وتأخذ لذة روحية ومتعة بعشرة الله، وحلًا لمشاكلك..؟!

يجب أن تتغير فكرتك عن الصلاة، لكي تدرك تمامًا أنك ضائع بدونها، وأنها عكازك الذي تستند إليه. إن عرفت هذا، ستعتمد عليها كواسطة روحية أساسية في حياتك. وبعد، أتراني أستطيع في هذا المقال أن أحدثك عن كل ما يتعلق بالصلاة؟! كلا، وإنما بعد كل هذا أتركك لتصلى، ولكي تذكرني أيضًا في صلاتك.

رد مع اقتباس