المعلومات بصيغة أخرى
كان من أبوين وجيهين، وقد أُقيم بعد دميان، وكان رجلا حكيما مزينا بالفضائل، وكان قسا في كنيسة الإنجيلين وكنيستي قزمان ودميان بالإسكندرية، مشهورًا بالتضلع في كتب البيعة وفهم الأمانة (الإيمان). فاجتمعت كلمة الشعب على انتخابه في أبيب سنة 320 ش. أي سنة 605 م. في عهد فوقا قيصر المغتصب. وكان هذا البابا قوى القلب يمضى إلى المدينة (الإسكندرية) على الرغم من أن البطاركة كانوا ممنوعين من الدخول إليها، ويرسم فيها الكهنة.
وأخذ يعمل مع قومه حتى استرد ما استولى عليه الملكيون من كنائس المتأصلين، ورمم منهما ما أنشئت في أيام الاضطرابات. فأخذ البيعة التي هي بربوة إثارات وبيعة على أسم رئيس الملائكة ميخائيل.
وكان له تعب عظيم من جماعة تيباريوس وابلساريوس الذين صار عليهم اسم قيانوس وأصحاب المجمع الخلقيدوني. وعُيِّن وقتئذ رجل شرير يدعى أولوجيوس بطريركا للملكين، وكان حاقدًا على البابا انسطاسيوس جدًا، وحاول أن يوقع به، ولكن الله لم يسلمه في يديه. وكانت وظيفة البطاركة الملكيين سياسية أكثر منها دينية، ولم يكن لهم عمل سوى تنفيذ إرادة الإمبراطور. وقام حينئذ رجل يُدعى فوقا، وقتل القيصر وجلس موضعه. وكان ظالِمًا عاتيًا، فكتب له أولوجيوس في البابا انسطاسيوس بأقوال كاذبة؛ منها قوله أن البطريرك لما كرز في بيعة يوحنا المعمدان حرمة هو وجميع الملوك المنتصرين للمجمع الخلقيدوني. فلما سمع فوقًا ذلك كتب لوالى الإسكندرية أن يغتصب من البطريرك بيعة قزمان ودميان وجميع أوانيها ويدفعها لأولوجيوس، فأخذت البيعة بالقوة ورجع البابا انسطاسيوس إلى الدير وقلبه ملآن بالحزن.
في أيام البابا انسطاسيوس افتتح كسرى ملك الفرس بلاد الشام، ووصل حدود مصر يتهددها. وكان كثيرون من مسيحي سوريا قد فرّوا إلى مصر ملتجئين إليها من ظلم الفرس، فعمل البابا انسطاسيوس كل ما في وسعه لتخفيف ويلاتهم. وكان البطريرك الروماني الذي خلف تاودروس الذي جاء بعد أولوجيوس يدعى يوحنا الملقب بـ(الرحيم) وذلك لرقة أخلاقه المسيحية، فتسابق مع البابا الإسكندري في مواساة هؤلاء المنكوبين، وقدَّم مساعدة كبيرة للبابا أنسطاسيوس إذ كان أوسع منه ثروة، وكان البابا انسطاسيوس في وقته يشتهى أن يجمع الله بين الكرسيين الإسكندري والإنطاكي الذي فرّقه بطرس، فسمع الله لطلبته ومات بطرس المذكور وجلس عوضه على الكرسي الأنطاكي رجل صالح عالم يدعى أثناسيوس، فأصلح ما أفسده بطرس الضال، فجمع انسطاسيوس الأساقفة وأخبرهم بالأمر فَسُرُّوا جميعًا لعودة الاتحاد بين الكرسيين. وكان البابا انسطاسيوس مهتما بأمور البيعة بحرص عظيم، ومشتغلًا بالعلوم الروحانية.
وأقام على الكرسي المرقسي اثنتي عشرة سنة حافظًا للأمانة المستقيمة، كتب فيها اثنتي عشرة كتابًا رتبها على الحروف الهجائية القبطية أي انه ابتدأ فيها أول سنه بحرف ألفا وفي الثاني بحرف بيتا وهكذا.. ثم أراد السيد المسيح أن ينقله إلى كوره الأحياء في الثاني والعشرين من كيهك سنة 332 ش. وسنة 616 م.