رحلات البابا الرعوية:
بعد أن استقرت الأوضاع تفرغ البابا لافتقاد شعبه، فقام برحلات طويلة في الوجه القبلي سنه 1954 ورحل إلى أسوان، ثم زار السودان ووضع حجر الأساس لكنيسة مارمرقص بالخرطوم، وقام برحلة للسودان مرة أخرى سنة 1909.
المؤتمر القبطي:
دعا أعيان الأقباط في الوجهين البحري والقبلي إلى عقد مؤتمر لبحث مشاكلهم الداخلية والاجتماعية ومساواتهم بمواطنيهم في كافة الحقوق الوطنية والإدارية، واستقروا أن يكون في أسيوط وخشى البطريرك من وقوع فتنه طائفية يدرها الاستعمار، فكتب للأنبا مكاريوس مطران أسيوط يحذره من هذا الأمر، وحضَّ في كتابة على استعمال الحكمة والتروي حتى لا يحدث ما لا تُحمَد عقباه. فرد المطران بتعهده بمراقبة الموقف وعدم حدوث شيء.
واجتمع المؤتمرون في مدرسة أخوان ويصا بموافقة وزارة الداخلية، ولكي يعطوا المؤتمر صفة وطنية وضعوا في صدر القائمة صورة الخديوي عباس حلمي الثاني، وافتتح المؤتمر جلسته الأولى برئاسة بشرى بك حنا يوم الاثنين 6 مارس 1911، ثم توالت الجلسات التي تكلم فيها الأستاذ ميخائيل فانوس حيث تكلم عن سلامة الوحدة الوطنية، وكان منهم أيضًا: اخنوخ فانوس - توفيق بك دوس - مرقس حنا - مرقس فهمي - حبيب دوس، الذي طالب بوضع نظام لمجالس المديريات يكفل التعليم للجميع دون التفريق بين أتباع دين آخر.
وبعد انتهاء الاجتماعات توجه بشرى بك حنا وأعضاء لجنة المؤتمر إلى سراى عابدين وقدموا إلى السر تشريعاتي الخديوي نسخه من محاضر الجلسات لرفعها إلى الخديو، وطلبوا أن يتشرفوا بمقابلته شخصيا ليرفعوا إليه مطالبهم ولكن السر تشريعاتى أبلغهم في 27 مارس 1911 أن صاحب العرش لا يرغب في مقابلتهم لأنهم خالفوا أوامر الحكومة.
وقد حاول الاستعمار أن يستغل مطالب المؤتمر لمصالحة، وادعى أن الأقباط يشكون من الاضطهاد ولكن عقلاء الأقباط وعلى رأسهم البابا كيرلس الخامس احتاطوا لهذه اللعبة وزودوا المؤتمر بالنصائح الوطنية الخالصة حتى يعود الاستعمار خسران.
وما لبثت أن جاءت ثورة 1919 التي شارك فيها المسيحيون وباركها البابا كيرلس الخامس وكان على اتصال مستمر بسعد باشا زغلول، وكان سعد يزوره بين الحين والآخر في البطريركية وشهد له بالوطنية وحب مصر.
البابا وإثيوبيا:
بعد نياحة الأنبا أثناسيوس مطران الحبشة 1876 طلب النجاش من البابا كيرلس الخامس رسامة مطران آخر، وأيضًا طالب بإعادة النظر في التقليد الذي كان يسمح بمطران واحد للحبشة، فقد تطلب النجاش رسامة مطران وثلاثة أساقفة، فرشم لهم البابا أربعة رهبان جعل، أولهم مطرانا لإثيوبيا والثلاثة أساقفة، فزاد ذلك من حب الأحباش له ولمصر.
البابا وزعماء مصر:
كان على علاقة ودية قوية بأقطاب السياسة في مصر وفي مقدمتهم الزعيم الوطني سعد زغلول فكان يزوره ويدعو له بالبركة وبالتوفيق في كل خطواته، كما كان على صلة به مستمرة به خاصة بعد قيام ثورة 1919، فجعل من كنائسه منابر للخطباء، وأمر القساوسة أن يتعاونوا مع شيوخ الأزهر على توعية المصريين في طلب الاستقلال ووحدة وادي النيل.
وعندما تشكل الوفد المصري برئاسة سعد زغلول وسفره إلى لندن في 11 إبريل 1919 لمفاوضة الإنجليز في الاستقلال، كان من بين أعضائه أربعة من وجهاء الأقباط مثل: سينوت حنا - جورج خياط - ويصا واصف - مكرم عبيد.
وقد ظل البابا مرتبطًا بسعد وبالثورة حتى توفي مع سعد زغلول في نفس السنة ونفس الشهر (7 أغسطس 1927) ومات سعد زغلول في 27 من نفس الشهر، وكان البابا قد بلغ السادسة والتسعين من عمره، وزادت عليه الأمراض، وتم تجنيزه ودفنه في مقبرة البطاركة مقبرة القديس استفانوس المجاورة للكنيسة المرقسية الكبرى.