† والمحبة الحقيقية ينبغي أن تكون محبة عملية فلا نحب بالكلام ولا باللسان, بل بالعمل والحق. ومحبتنا لله, يجب أن تثبتها عمليا بحفظ وصاياه والذي يقول إنه يحب الله, ومع ذلك هو لا يحفظ وصاياه بل يخطئ إليه.. هو إنسان يخدع نفسه بلا شك.
والمحبة لها صفات تميزها. ومحبتك لغيرك تلزمك أن تترفق به, وتتأني عليه أي تطيل بالك عليه, والمحبة الحقيقية لا تحسد ولا تتفاخر ولا تنتفخ ولا تطلب ما لنفسها.. ولا تظن السوء وأيضا تحتمل كل شيء وتصبر علي كل شيء.. إنها منهج طويل شامل في حياة الفضيلة العملية.
† إذن ما علاقة المحبة بفعل الخير ومحبة الخير؟ واضح أن الذي في قلبه محبة لابد أن يفعل الخير, ولكن ليس كل من يفعل الخير تكون عنده محبة في قلبه. فهناك من يفعل الخير مجبرًا مضطرًا أو عن خوف! وهناك من يفعل الخير لكي ينال مدحًا من الناس أو مكافأة كذلك من يفعل الخير رياء لمجرد حب المظاهر! وهناك من يفعل الخير وهو متذمر في قلبه فظاهره شيء, وقلبه شيء عكس ذلك تمامًا!
أما الإنسان الفاضل فهو الذي يحب الخير حتى إن لم تساعده إمكاناته علي فعله, وإن فعل الخير لا يقصد من ورائه مكافأة بل يجد لذة في فعل الخير, والدافع الأساسي الذي يدفعه هو محبة الخير.
† أما إذا لم توجد المحبة في قلب إنسان فلاشك أن ذلك تنتج عنه رذائل كثيرة تتنوع من إنسان إلي آخر: فخلو القلب من المحبة يوجد البغضة والكراهية, وقد يتسبب عن ذلك الشماتة والفرح بالإثم, بينما يقول الحكيم: لا تفرح بسقطة عدوك ولا يبتهج قلبك إذا عثر، ونصّ الآية هو: "لاَ تَفْرَحْ بِسُقُوطِ عَدُوِّكَ، وَلاَ يَبْتَهِجْ قَلْبُكَ إِذَا عَثَرَ" (سفر الأمثال 24: 17), ومن نتائج نقص المحبة أيضا: الغضب الحاد والحقد، وقد يتطور الأمر إلي الشتيمة والضرب والقتل وأيضا التشهير بالغير وإشاعة المذمة.. ومن نقص المحبة أيضا يوجد الحسد, وتوجد الكبرياء والتعالي والقسوة..!
أما نقص محبتنا نحو الله فيظهر في أمور عديدة منها إهمال الصلاة وقراءة كتاب الله والتأمل فيه وعدم محبة بيت الله, وعدم الفرح بالسماء.
† إن الله في يوم الحساب سيفحص جميع فضائلنا ويكافئنا فقط علي ما فيها من حب لأن الفضيلة الخالية من الحب, ليست فضيلة علي الإطلاق.. إنها ليست محسوبة لنا, وأخشى أن تكون محسوبة علينا.
إذن المحبة تتدخل في كل وصية فكما يقول الكتاب: لتصر كل أموركم في محبة.
أما علاقة المحبة بكل فضيلة علي حدة فهي موضوع طويل لا تستطيع هذه الصفحة أن تتسع له, فاعذروني إن أرجأت هذا الموضوع لمناسبة أخري.