يونان النبي: "وَحَدَثَ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ أَنَّ اللهَ أَعَدَّ رِيحًا شَرْقِيَّةً حَارَّةً، فَضَرَبَتِ الشَّمْسُ عَلَى رَأْسِ يُونَانَ فَذَبُلَ. فَطَلَبَ لِنَفْسِهِ الْمَوْتَ، وَقَالَ: «مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي»." (سفر يونان 4: 8). وقد كانت أمنية يونان هذا بسبب كبرياءه الشخصي، وقد أعطاه الله درسًا واضحًا في أهمية خلاص البشر، وأن المجد الشخصي زائل ولا قيمة له.
يأس بولس الرسول من الحياة في مرحلة ما: "فَإِنَّنَا لاَ نُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ ضِيقَتِنَا الَّتِي أَصَابَتْنَا فِي أَسِيَّا، أَنَّنَا تَثَقَّلْنَا جِدًّا فَوْقَ الطَّاقَةِ، حَتَّى أَيِسْنَا مِنَ الْحَيَاةِ أَيْضًا" (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 1: 8). هذا يقوله أحد أعظم كارزي المسيحية، ولكننا نراه يعرض الأمر في حجمه أنه مجرد فكرة عارِضة مستحيلة التنفيذ لثقته في الله، وفي الأصحاح ذاته نرى عرضًا لخططه المستقبلية، والمدن التي سيذهب إليها لاحقًا وخلافه..
وفي الأصحاح الثالث من سفر طوبيا رأينا كيف أن طوبيا الأب يأس بسبب عماه وتمنى الموت: "وَالآنَ يَا رَبِّ، بِحَسَبِ مَشِيئَتِكَ اصْنَعْ بِي وَمُرْ أَنْ تُقْبَضَ رُوحِي بِسَلاَمٍ لأَنَّ الْمَوْتَ لِي خَيْرٌ مِنَ الْحَيَاةِ" (طو 3: 6)، وكذلك قريبته سارة ابنة رعوئيل هي الأخرى بسبب موت أزواجها: "أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ يَا رَبِّ أَنْ تَحُلَّنِي مِنْ وِثَاقِ هذَا الْعَارِ أَوْ تَأْخُذَنِي عَنِ الأَرْضِ" (طو 3: 15). وكليهما أنقذه الله في الوقت المناسب، وأفادتنا تجاربهما في معرفة طرق الله، وأن له حكمة عظيمة في كل شيء.
ولو كان الانتحار مباحًا لكن انتحر أيوب الصديق الذي قضى ما يقرب من 33 سنة في مرض صعب ومتعب جدًا جسديًا ونفسيًا، بخلاف خسارته لحياته ومستقبله ممثلًا في أولاده وماله واحترام الناس له ومعونة أصدقاءه وحتى شريكة عمره! ونراه يقول: "«قَدْ كَرِهَتْ نَفْسِي حَيَاتِي. أُسَيِّبُ شَكْوَايَ. أَتَكَلَّمُ فِي مَرَارَةِ نَفْسِي" (سفر أيوب 10: 1)، ويتمنى الموت في قوله: "يَا لَيْتَ طِلْبَتِي تَأْتِي وَيُعْطِينِيَ اللهُ رَجَائِي! أَنْ يَرْضَى اللهُ بِأَنْ يَسْحَقَنِي، وَيُطْلِقَ يَدَهُ فَيَقْطَعَنِي" (سفر أيوب 6: 7، 8). ولكنه استمر في صلواته وصراعه مع الله حتى فتح الله عينيه وأراه طريقه..