[walaa farouk]

«وإذا كان أحد لا يزل في كلامه ، فهو رجل كامل» ( يعقوب ۲/۳ ) .

اللسان عضو صغير لكن فعله كبير
، به يقدم الإنسان كلاماً عذباً رقيقـاً يـبني الآخـر ،
أو كلامـاً شـريراً قاسياً جارحـاً يحطـم الآخـر .
واسطته تتدفق كلمات التعزية التي تشفي الجرح
، وبواسطته تتلاحق كلمات الشماتة التي تزيد الجرح عمقاً
، وتفتح جروحاً جديدة .

اللسان عـود ثقـاب صـغير ، ليس لـه وزن ،
لكنـه قـد يـحـرق غابـة بأكملها . به نبارك وبه نلعن
. « من فم واحد تخرج البركة واللعنة
، فيجب يـا إخـوتي ألا يكـون الأمـر كـذلك .
أيفيض الينبـوع بالعـذب والمـر مـن مجرى واحد ؟
أم يمكن يا إخوتي أن تثمر التينة زيتوناً أو الكرمة تيناً ؟
إن الينبوع المالح لا يخرج الماء العذب » ( یع ٣ / ١٠-۱۲ ) .

الثرثـرة مـن أخطـر مـزالـق اللسان ، وهـي الكـلام لمجـرد الكـلام .
الكـلام الـذي لا معنـى لـه ولا فائـدة منـه .
الكـلام النـابـع مـن الـنفس الفارغة التي تريد أن تملأ فراغها بأي شيء فتبدأ سائر الخطايا اللسانية الأخرى . ولذلك نهانا ربنا عن الكلام البطال ، أي الثرثرة وقال : « ليكن كلامكـم نـعـم نـعـم ولا لا ، فمـا زاد علـى ذلـك كـان مـن الـشرير» ( متی ٥ / ٣٧ ) .

وإذا عـددنا عيـوب اللسان وخطايـاه نجـدهـا كـثيرة جـداً : الإدانـة ، الاغتيـاب ، النميمـة ، إفشاء الأسـرار ، تـدبير الفـتن ، إثـارة الأحقـاد ، الكذب ، الشتم ، اللعن ، الكفر ، الصراخ ، الافتراء ... وللسان علاقة وثيقة بالنفس ، لأنه يجعل ما بداخلها ظاهراً مكشوفاً ، وقد قيل « من فضلة القلـب يـتكلم اللسان » . ونبهنـا الـرب في إنجيلـه المقـدس إلى أنـه « بكلامك تتبرر وبكلامك تدان » .

فإن كانت الكلمة تخـرج مـن فمنا ، فلماذا لا نجعلها كلمـة حلـوة بناءة ، خيرة .

من لسانه يحب المرء ويكره . ومـن لسانه يصير ظله خفيفاً أو ثقيلاً . مغبـوط الـذي وعـى مـقـدار الـشـر النـابـع مـن لـسانه ، فـضبطه بوصـايا الإنجيـل . طـوبـى لمـن لم يتحـرك لـسانه قبـل عقلـه
. ومـا أجمـل الحكمـة القائلة : « كثرة الكلام لا تخلو من الزلل » .

إن لم يقنعنا هذا الكلام ، فلنستمع في الختام إلى بضع كلمات فـاه بها ربنا نفسه : « من قال لأخيـه يـا أحمق استوجب حكم المجلس
، ومن قال له يا جاهل استوجب نار جهنم » . ( متی ٢٢/٥ ) .

فهل من تردد بعد ؟