ثم أمسك إبراهيم السكين ورفع يده ليذبحه ، وفى هذه اللحظة ناداه الله، إبراهيم إبراهيم ارفع يدك ولا تمس فتاك بسوء إنى قد رأيت محبتك فى، لم تمنع ابنك وحيدك الذى تحبه إسحق لذلك بالبركة أباركك.. كان هذا امتحانا ونجح إبراهيم فى هذا الامتحان، كان هذا الموضوع مشكلة فى عقل إبراهيم كيف أن الله قال له بإسحق يدعى لك نسل ثم يقول له قدمه لى محرقة أين الوعد، بولس الرسول حل المشكلة قال:لأن إبراهيم كان يؤمن بالقيامة من بين الأموات. يا جمال ويا روعة إبراهيم، فى هذا الوقت لم ير شئ اسمه قيامة!! ولم يكن هناك كتب مقدسة وقتها!! ولاعقيدة كهذه؟ من أين عرف القيامة من بين الأموات !!إيمان إبراهيم بوعد الله بأنه بإسحق يكون له نسل، وإسحق سيذبح، والوعد لابد أن يتم إذن لابد
أن يقوم من بين الأموات، هذه الثقة بالله ولدت الإيمان الذى بلا فحص ، وهذا 00 ما نقوله فى القداس الكرلسي ! وهذا الإيمان يغير فحص دفعه أن يؤمن بالقيامة من بين الأموات، ولم تكن هذه عقيدة مقررة ولم تحدث من قبل، الله لا يكذب، ومادام قال بإسحق يدعى لك نسل، وإسحق سيموت، إذن لابد أن يقوم من بين الأموات، المسألة ليست سهلة، هذا ليس مجرد كلام ولكنها خبرة روحية ليس من السهل أن يصل إليها الإنسان، إلا مع طول العشرة المقدسة.
لذلك مريم وهى صبية سنها 13 سنة كيف تلد، كيف أمنت، كيف صدقت الملاك وهو يقول لها ها أنت ستحبلين وتلدين ابنا، لم تشك بل صدقت، ولذلك أليصابات بالروح القدس طوبتها وقالت طوبى، طوبى لك
يامن أمنت، بأن يتم ما قيل لها من قبل الرب، ماذا تعنى آمنت؟ تعنى لم تكونى مترددة ولكن تصديق مطلق كامل بلا شك، بدون تردد، صبية سنها 13 سنة من أين أتاها هذا الإيمان، لولا أنها فعلا كانت معجونة ومشحونة بالعلاقة السرية بينها وبين الله، من غير الممكن عقلية فى هذا السن تصل لهذه المرحلة التى فيها، لم تنطق أليصابات، ولكن الروح القدس هو الذى نطق، الروح القدس هو الذى طوبها طوبى للتى آمنت أن يتم ما قيل لها من قبل الرب فطوبتها على إيمانها، ماهو الإيمان؟ الإيمان هو الثقة بما يرجى والإيقان بأمور لا ترى .
فلم يحدث فى التاريخ أبدا أن عذراء تحبل وتلد، ومع ذلك وهى بنت صبية، كونها تؤمن وتصدق فقد فاق إيمانها إيمان رئيس الكهنة، ولذلك أليصابات طوبتها، طوبى للتى آمنت لك الطوبى، لك الغبطة، لك السعادة، لك الكرامة لأنك صدقت بشارة الملاك، وقلت هو ذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك وطبعا لو لم تقل العذراء هذه الجملة ما كان حدث الحلول فى أحشائها، لأن الله فى عطاياه لا يجبر الإنسان عليها، فإن هى قبلت يتم الحمل، وإن لم تقبل هذا الكلام لا يتم الحمل، عطايا الله لا يغصب عليها أبدا، ولذلك قالت هوذا أنا أمة الرب ليكن لى كقولك بعد ذلك انصرف من عندها الملاك لأنها قبلت وهذا القبول يدل على صحة إيمانها
العذراء مريم تقف أمامنا معلم وهى صبية بكل هذا القدر الوافر من الإيمان، الذى جعل أليصابات تطوبها لأنها آمنت بما لم تؤمن هى به مع أنها امرأة رئيس الكهنة، وبالرغم من أن موضوع أليصابات كان له سابقة، أما موضوع العذراء فلم يحدث من قبل. أليصابات خجلت من نفسها أمام هذه الصبية الصغيرة مع أن قصتها لم يسبق لها فى التاريخ، لم يحدث أن عذراء تحبل وتلد.
إذن مريم كانت فتاة تتميز بدرجة عالية من الإيمان، ما كان يمكن لمريم أن تقبل بشارة الملاك بهذه البساطة مالم يكن لها إيمان لا يحده عقل، عندما اعترضت لم تعترض من جهة إيمانية، اعترضت من جهة معقولة كيف يكون لى هذا وأنا لا أعرف...لكنها لم تشك فى قدرة الله، ولذلك لم يعاقبها الملاك كما عاقب زكريا بل حياها وقال لها سلام لك أيتها الممتلئة نعمة، .
أذن هذه فضيلة أخرى من فضائل مريم، ينبغى أن نبرزها فى الكنيسة، فضيلآ الإيمان،التصديق، التسليم القلبى، الثقة والإيقان بأمور لاترى.
مريم لم تعظ ولكنها تقف أمامنا واعظة صامتة تعلمنا كيف يكون الإيمان،كيف يكون التصديق كيف يكون التسليم، كيف تكون الثقة والإيقان بأمور لاترى.
وليست أليصابات وحدها هى التى طوبتها، صرخت مرة امرأة من الجمع وقالت لها: طوبى للبطن الذى حملك وللثديين الذين رضعتهما. فقال لها:بالأحرى طوبي للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه، إن كرامة أمى مريم ليست فقط فى أنها حملت، ولكن لأنها أولا سمعت كلام الله وحفظته، لم تكن مجرد وعاء حملت، لكنها حملت لأنها كانت مستحقة لأنها سمعت كلمة الله وحفظتها منذ طفولتها، ماضيها معروف قبل أن تحمل بالمسيح، ماض نقى، إنسانة لله، كلها لله.
مريم بسيرتها وصمتها وسكونها وايمانها تقف أمامنا الآن معلمة لا بالكلام ولا بالوعظ ولا بالإرشاد ولا بالشرح ولا بالتفسير، إنما فى شخصها نموذج ساحق للفضيلة، للإيمان، للصمت، لكل الفضائل، لخدمة الملائكة، للبتولية الدائمة والعفة الكاملة. شفاعتها فلتشملنا جميعا، ولإلهنا الإكرام والمجد إلى الأبد آمين