ثانيا : ظهور الله تعالى لإبراهيم:
. ظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه . فلما نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد إلى الأرض وقال : يا سيد أن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك ...." - (تكوين 18 : 1،2)
.. كيف يكون ظهور الله عز وجل في جسم ثلاثة رجال ، مع أن حديث إبراهيم كان موجها إليهم في صيغة المفرد؟ يتضح لنا أن هؤلاء الثلاثة هم الله عز وجل وملاكان ونستدل على ذلك من بقية القصة ، عندما نعلم أن الملاكان ذهبا إلى سدوم وعمورة وليس الثلاثة ، فقد جاء في الآية الأولى من الفصل التاسع عشر من سفر التكوين : "فجاء الملاكان إلى سدوم مساء ……" وقد ذكر وحي الله تعالى كلمة الملاكان هنا معرفة بالألف واللام إشارة إلى أن هذان الملاكان هما نفسهما اللذان قد سبقا وتحدثا مع إبراهيم في الفصل السابق . وقد ذكرهما الوحي الشريف أيضا في (تكوين 18 :22 ) ، فقال : "وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم .. بينما كان إبراهيم لا يزال مع ثالثهما ، لم يعبأ أو يهتم بأمر ذهابهما بقدر اهتمامه بالوجود مع الشخص الثالث . لقد عرف إبراهيم ذلك الشخص جيدا . ونستطيع نحن كذلك أن نعرفه إذا قرأنا الحديث الذي دار بينهما الوارد ذكره في الفصل الثامن عشر من سفر التكوين والآيات من 23 – 33 "فتقدم إبراهيم وقال : أفتهلك البار مع الأثيم ؟ …أفتهلك المكان ولا تصفح ……. حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر أن تميت البار مع الأثيم … حاشا لك أديان كل الأرض …. فأجاب إبراهيم وقال : أنى قد شرعت أكلم المولى وأنا تراب ورماد … فقال : لا يسخط المولى فأتكلم هذه المرة فقط .. وذهب الرب عندما فرغ من الكلام مع إبراهيم ورجع إبراهيم إلى مكانه ." أن إبراهيم خليل الله كان يتشفع عن أهل سدوم وعمورة أمام الله تعالى ، لأنه
من ذا الذي يستطيع أن يهلك البار أو الأثيم أو المكان ؟
ومن هو ذاك الذي يرجو من إبراهيم الصفح والعفو والغفران ؟
من هو الذي يستطيع أن يميت ويحيى ؟ من هو المولى ، ديان كل الأرض ؟
. واضح جدا التباين في صيغة الحوار بين المخلوق الذي هو تراب ورماد وبين الخالق المولى ، ديان كل الأرض
من هو سوى الله جل جلاله الذي جاء في جسم بشر؟