الإصحاح الأول
آية(1): "وحي على نينوى سفر رؤيا ناحوم الالقوشي."
وحي على نينوى = كلمة وحي تعني حمل. فهذه نبوة ثقيلة. وحملاً ثقيلاً متعباً لنينوى. لما تابوا قديماً بمناداة يونان عفا الله عنهم، ولكنهم سرعان ما إرتدوا فأرسل الله لهم هذه النبوة الثقيلة.
الآيات (2-7): "الرب اله غيور ومنتقم الرب منتقم وذو سخط الرب منتقم من مبغضيه وحافظ غضبه على أعدائه. الرب بطيء الغضب وعظيم القدرة ولكنه لا يبرئ البتة الرب في الزوبعة وفي العاصف طريقه والسحاب غبار رجليه. ينتهر البحر فينشفه ويجفف جميع الأنهار يذبل باشان والكرمل وزهر لبنان يذبل. الجبال ترجف منه والتلال تذوب والأرض ترفع من وجهه والعالم و كل الساكنين فيه. من يقف أمام سخطه ومن يقوم في حمو غضبه غيظه ينسكب كالنار والصخور تنهدم منه. صالح هو الرب حصن في يوم الضيق وهو يعرف المتوكلين عليه.
نينوى لم تعرف الله الذي يرسل لها هذه النبوة. ولذلك قيل لها هنا من هو الله، وما هي قدراته التي تبعث الفزع في الأشرار، والطمأنينة للأبرار. فالله سور من نار يحيط بشعبه ليحميهم وينير لهم. وهو نار تحرق أعدائهم. هو إله غيور ومنتقم = غيور على كرامته وعلى شعبه. ومنتقم من أعدائه كنينوى لأنها أصبحت مدينة شريرة. وهو ذو سخط = فهو قدوس لا يحتمل الشر. ومنتقم من مبغضيه = أي أنه يعتزم أن يحاسب من يسيئون إليه ولكنه في (3) بطئ الغضب = هو ليس كالإنسان ، فالإنسان لا يستطيع كبح غيظه، إنما الله يطيل أناته لعل طول أناته تقتادنا للتوبة. ولكنه لا يبرئ البتة = أي لا يبرئ الأشرار الذين يصرون على خطاياهم، وهذه فيها رد على من يتصور أن بطء غضب الله معناه أنه يتسامح في الخطأ فيتمادي فيه. أما الشرير لو رجع عن شره سيجد الله رحيماً به. وهو عظيم القدرة. وهنا يعطي تصوير من واقع الطبيعة التي يعرفونها ليتصوروا قدرات الله فهو في الزوبعة والعاصف = أي هو الذي يتحكم فيها، فهل تقف أمامه قوة أشور. والسحاب غبار رجليه = هو يطأه ويسير عليه. إذاً هو أعلى منه. فهل يطوله ملك أشور. وفي (4) ينتهر البحر فينشفه = فهكذا فعل أمام موسى في البحر الأحمر وأمام يشوع في نهر الأردن. ويجفف جميع الأنهار = الأنهار هي مصدر خيرات الشعوب فلو جفت لهلكت الشعوب. فماذا يصنع ملك أشور لو جفت أنهاره. يذبل باشان والكرمل وزهر لبنان يذبل = فإن ظن ملك أشور أن عاصمته جميلة كزهور لبنان وأن خيراته كثيرة كمراعي باشان الخضراء فالله قادر أن يجعل الكل يذبل ويذهب عنه جماله. وفي (5) الجبال القوية الثابتة ترجف أمامه. والتلال تذوب = هذا ما يرونه في الزلازل والبراكين فهل يثبت ملك أشور. والأرض ترفع من وجهه = هذا ما سيحدث في نهاية الأيام حين تزول السماء والأرض. ولكن في الوقت الحالي فالمعني حسب الترجمات الأخرى فإن الأرض تحترق وتخرب كما حدث في سدوم وعمورة. وفي (6) من يقف أمام سخطه = فإلهنا نار آكلة تحرق الخطاة. وفي (7) أما بالنسبة للمتوكلين عليه كأحباء وأنباء فهو يعرفهم ويحرص على سلامتهم وراحتهم. وبنفس قدراته على أن يرعب الأشرار فهو قادر أن يكون حصناً للأبرار في يوم ضيقهم "اسم الرب برج حصين يركض إليه الصديق ويتمنع".