عاد هامان إلى بيته ليلتقي مع زرش زوجته وحكمائه (السحرة) ليعلنوا له سقوطه، فيحطموا نفسه بالأكثر، إذ قالوا له: "إذا كان مردخاي الذي إبتدأت تسقط قدامه من نسل اليهود فلا تقدر عليه بل تسقط قدامه سقوطًا..." [13]. لعلهم تنبأوا له بما سيحل به، أو لعلهم أدركوا أن ما كانوا يحلمون به طوال الليل قد إنقلب راسًا على عقب وهذا لن يكون محض صدفة إنما تحقق بيد خفية قوية. هنا شعروا أن ما حدث اليوم إنما هو بداية انهيار لهامان وسقوط حتى النهاية، لذا لم يستطيعوا أن يقدموا له كلمة تشجيع أو رجاء.
يبدو أن هذه الكلمات حطمته حتى صار متراخيًا في الذهاب إلى وليمة أستير، إذ قيل: "وفيما هم يكلمونه وصل خصيان الملك وأسرعوا للإتيان بهامان إلى الوليمة التي عملتها أستير" [14].
خرج هامان إلى الوليمة بروح مغايرة لما كان عليه حين تلقى الدعوة بالأمس، إذ صار كغنمة تُساق إلى الذبح. حقًا "مخيف هو الوقوع في يد الله الحيّ" (عب 10: 31)، وكما يقول المرتل: "تورطت الأمم في الحفرة التي عملوها، في الشبكة التي أخفوها انتشبت أرجلهم؛ معروف هو الرب، قضاءً أمضى، الشرير يعلق بعمل يديه" (مز 9: 15-16).