هكذا عاشت في القصر كملكة لكنها تدرك أنها إمرأة أسيرة، إكليلها في عينها كخرقة الطامث لا تشتهيه بل تثتثقله، لم تأكل مع هامان الرجل الثاني بعد الملك ولا وجدت لذه في مائدة الملك، ولا إشتركت في شرب الخمر المقدم كسكيب للآلهة، ولم يفرحها أحد سوى إله إبراهيم!
وهذا يفسر لنا كيف أنها حين دخلت إلى الملك قبل إختيارها "لم تطلب شيئًا إلاَّ ما قال عنه هيجاي خصي الملك" (2: 15)، إذ لم يتعلق قلبها بشيء حتى تاج المُلك!
لقد قدم لنا القديس أُغسطينوس أستير مثلاً للذين هم في منصب ولهم مراكز سامية وكبرى ومنهمكون في الأعمال العامة لكن قلبهم منفتح على السماء، إذ يقول: [من هذا النوع السيدة القديسة أستير التي مع كونها زوجة الملك لكنها عرضت حياتها للخطر مستشفعة عن شعبها، إذ صلت قالت بأن الزينة الملوكية بالنسبة لها كخرقة الطامث[26]].
وحين إمتدح القديس جيروم إحدى المكرسات الحديثات للرب، قال: [صارت تبغض كل لباس بهي، وصرخت للرب مثل أستير: "أنت عالم بضرورتي وأنيّ أكره سمة أُبهتي ومجدي – أي الإكليل الذي لبسته كملكة – وأمقتها كفرصة الطامث"[27]].