اكتشف هامان أن ما يفعله مردخاي لا يقوم على عداوة شخصية وإنما على أساس روحي تقوى لهذا ظن أنه لا علاج لهذه المشكلة إلاَّ بإبادة الشعب كله.
يرى القديس جيروم أن كلمة "هامان" تعني (ظلمًا)؛ الآن إذ اشتعلت نيران الظلم غضبًا فإنها إنما تحرق ذاتها، إذ يقول: [هامان الذي يعني (ظلمًا) احترق بالنار التي أشعلها بنفسه[18]].
هنا يليق بنا أن نؤكد أن ما فعله مردخاي من عدم سجود لهامان لم يكن عن كراهية أو عداوة في داخل قلبه ولا عن كبرياء، وإنما كما قال في صلاته الواردة في تتمة أستير: "إنك تعرف كل شيء وتعلم أنيّ لا تكبرًا ولا إحتقارًا ولا رغبة في شيء من الكرامة فعلت هذا أنيّ لم أسجد لهامان العاتي، فإني مستعد أن أقبل حتى آثار قدميه عن طيب نفس لأجل نجاة إسرائيل، ولكن خفت أن أحول كرامة إلهي إلى إنسان وأعبد أحدًا سوى إلهي" (13: 12-14).
إنه لا يستنكف أن يقبل آثار قدمي هامان لأجل خلاص إخوته، هكذا يتسع قلبه حبًا ويمتلئ إتضاعًا، لكنه لا يقبل أن يعبد غير الله!