عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12 - 05 - 2012, 10:24 AM
الصورة الرمزية tito227
 
tito227 Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  tito227 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 17
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 2,845

الهاربون من الله‏!‏ Sunday, 26 July 2009
Sunday, 26 July 2009


البابا شنودة الثالث - إلأهرام


الأشخاص الروحيون يسعون إلي الله بكل قلوبهم‏,‏ ويحاولون القرب منه‏,‏ شاعرين أنه سبب حياتهم ومصدر قوتهم‏.‏ وإن بعدوا عنه فترة‏,‏ سرعان ما يعودون‏..‏ علي أن هناك آخرين بالعكس يبعدون عن الله بل يهربون منه‏.‏ فما هي أسباب ذلك الهروب؟ وكيف يمكن مقاومته؟ وماهي أيضا درجات هذا الهروب؟
من أشهر الهاربين من الله‏:‏ جماعة الوجوديين‏.‏ الذين يقول الواحد منهم‏:‏ إن وجود الله يمنع وجودي‏!‏ فمن الخير لي أن الله لايوجد‏,‏ لكي أوجد أنا‏!‏ ويقصد من عبارة‏:'‏ لكي أوجد أنا‏'.‏ أي لكي أتمتع بالوجود حسبما أريد‏,‏ بعيدا عن الله الذي يمنعني من أمور كثيرة يضيق بها علي فلا يمكنني أن أنال حريتي في أن أفعل ما أريد‏.‏
هذا الإله يريدني أن أقول له باستمرار‏:'‏ لتكن مشيئتك‏'.‏ بينما أنا أريد أن أنفذ مشيئتي الخاصة لكي أذوق طعم الحياة وألتذ بها‏.‏ فلهذا أنا أهرب منه‏..‏
هذا الهارب من الله يقول بصراحة‏:‏إنني أهرب من الله حينما يختلف فكري عن فكره‏.‏
فأنا أري أحيانا أن الكذب ينجني من مشاكل كثيرة فيستر علي في أخطائي‏.‏ وبهذا الكذب أصير بريئا في أعين الناس‏!‏ بينما الله يقول لي لاتكذب‏.‏ وكذلك يمنعني عن كل خديعة أخدع بها غيري‏,‏ بينما بهذا الخداع يمكني أن أصل إلي تنفيذ غرضي‏.‏ وينطبق هذا أيضا في أمور عديدة أري فيها أن فكري غير فكر الله‏.‏
فمثلا أري أن الاحتفاظ بكرامتي يدعوني إلي أن أنتقم لنفسي‏,‏ وأرد علي الإهانة بإهانة‏,‏ وهذا ما ينهاني الله عنه‏.‏ فحينئذ يضطرني الأمر إلي الهروب من وصية الله‏!‏ وبالتالي بالنسبة إلي كثير من وصاياه‏..‏ أري أن الهروب منها نافع لي‏..‏ ولاشك أن الهروب من وصايا الله هو جزء من الهروب من الله نفسه‏.‏
واضح أيضا أن الشهوة من أهم أسباب الهروب من الله‏,‏ إذا كانت شهوة خاطئة‏,‏ ولايريد الإنسان أن يتركها‏.‏ فلهذا يترك الله بسبب الرغبة في تنفيذ تلك الشهوات‏.‏ ومثل هذا الخاطئ الذي تبعده شهواته عن الله‏,‏ يبرر موقفه من هروبه من الله بقوله‏:'‏ إن صرت مع الله‏,‏ سأنقسم علي ذاتي‏.‏
وسأدخل في صراع بين الروح والجسد‏,‏ وصراع بين الخير والشر‏!‏ وأنا لا أريد أن أتعب نفسي بهذه الصراعات‏'.‏
كثيرون من هذا النوع لايريدون أن يواجهوا الواقع إطلاقا‏,‏ لأنهم يخافونه‏.‏ كإنسان مريض بمرض خطير‏:‏ يهرب من الطبيب ومن الكشف‏,‏ ومن الأشعة والتحاليل‏,‏ لكي يستريح‏!‏ ولو راحة وهمية‏,‏ هاربا من الواقع لأن الواقع يتعبه‏.‏
ومن الذين يهربون من الله نوع لايريد أن يتحمل مسئولية خطيئته‏.‏ ففي حالة الخطية كانوا هاربين من الله‏.‏ وبعد ارتكابها لايريدون أن يتحملوا مطالب التوبة‏.‏ فما معني التوبة؟
هل معناها متاعب الندم علي تلك الخطايا‏,‏ وتبكيت النفس عليها‏,‏ والتعب الذي يتعبه الضمير‏.‏
وما أسهل علي الإنسان أن يقول‏:‏ مالي مالي وكل هذا؟‏!‏ هل من الواجب علي أن أدخل في عقدة الذنب أم من الأفضل أن أهرب من كل هذا وأستريح‏.‏ إن التوبة ومطالبها صعبة في نظر هؤلاء‏,‏ والهروب من تعب الضمير أمر سهل ولطيف ومريح حتي لو كان معناه الهروب إلي خير‏,‏ ومن الواقع ومن مواجهة النفس‏.‏
البعض يهربون من الله لأنهم يرون أن طرقه ضيقة بينما البعيدون عن الله مستريحون‏,‏ يستطيعون أن يفعلوا كل شيء بسهولة غير مقيدين بشيء‏:‏ فالتساهل في الأخلاقيات يمكن كسب عدد كبير من الأصدقاء‏.‏
وبعباراتين من التملق يمكن كسب الرؤساء ويمكن خداعهم‏,‏ وبشيء من الرياء الخفيف يمكن الحصول علي احترام الناس‏,‏ وبضربة قاسية ومؤامرة خفية يمكن التخلص من جميع المقاومين‏.‏
وبشهادة مرضية مزورة يمكن التغطية علي كل غياب‏,‏ وبالرشوة والمحسوبية يمكن الوصول لكل غرض‏.‏ بينما الذين يعيشون مع الله‏,‏ نغلق أمامهم أبوابا كثيرة‏..‏ لذلك يرون أن الهروب من الله أفضل‏,‏ بل يتطرف البعض ويقولون‏:‏ إن السير مع الله لم يعد يناسب العصر‏!‏ ووسائل المتدينين ليست ناجحة‏.‏
إننا نقول للهاربين من الله‏:'‏ مهما هربتم من الله‏,‏ فسوف يبحث عنكم‏,‏ لكي يردكم إليه‏'.‏ وكذلك فإن طريق الله وإن كان يحرم الخطايا والآثام إلا أنه ليس كئيبا بالدرجة التي يصورها الشيطان‏.‏ الذي يتعود حياة البر‏,‏ كثيرا ما يجد فيها متعة تريح قلبه وضميره وفكره‏,‏ وتجلب له ثقة من المحيطين به‏.‏
وإن كان البعض يقول‏:‏ كيف أعيش مع الله وأترك كل الخطايا التي أحبها وأجد فيها لذة؟ بينما حياة البر فيها صعوبة؟ نقول‏:‏ إن هذا قد يكون في بداية الطريق فقط‏,‏ ولكن إذا نما الإنسان في حياة البر فسوف يجد فيها لذة ومتعة‏,‏ وتصير سهلة أمامه‏.‏
إن الشيطان قد يصور لك أن طريق الرب صعب عليك لكي تهرب منه‏!‏ ولكن هذه خدعة‏.‏ فحتي إن كانت بعض وصايا الرب صعبة في تنفيذها‏,‏ فإن الله يعطي معونة بنعمته‏,‏ ويصير الصعب سهلا‏.‏
نقول أيضا للهاربين من الله‏:‏ اهتموا بمصيركم الأبدي‏,‏ لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه؟‏!‏ إنك مهما هربت من الله‏,‏ فلن تستطيع أن تهرب من يوم الحساب‏.‏
لذلك في كل خطاياكم لاتنظروا إلي الله باعتباره القوة المانعة التي تمنع من ارتكاب خطايا معينة‏,‏ بل انظروا إليه باعتباره القوة المانحة التي تمنح كل موهبة وكل قوة‏.

رد مع اقتباس