ثانيًا: كلمة "ترشيش" كما يرى القديس چيروم تعني "بحر" أو "تأمل في الفرح"، فإن كانت كلمة "يافا"[9] بالكنعانية تعني "جمال"، فإن يونان عوض أن ينطلق خلال وصية الله إلى الكرازة لنينوى بالخلاص إستحسن النزول إلى جمال فكره البشرية وحكمته الإنسانية أي إلى يافا ليلقي بنفسه في ترشيش أي في بحر هذا العالم أو في التأملات المفرحة دون الجهاد الحق وحمل الصليب عمليًا. هذا التصرف يمثل تصرفات الإنسان السالك حسب هواه لا حسب وصية الرب الصعبة.
ثالثًا: يونان النبي وهو يعرف أن الله "إله السماء الذي صنع البحر والبر" (ظ،: ظ©)، وقد يشهد بذلك، إذ يتكيء على فكره البشري خارج الإيمان يندفع نحو الهروب من الله.
وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [حقًا لقد هرب من البر لكنه لم يهرب من غضب الله! هرب من الأرض لكنه جلب على نفسه العواصف في البحر[10]]. كان يليق به بالحري لا أن يهرب من الله بل إلى الله، ففيه وحده يجد المؤمن سلامه وأمانه!