عرض مشاركة واحدة
قديم 01 - 02 - 2021, 04:28 PM   رقم المشاركة : ( 4 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,313,474

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

54. وبعد مدة سأله الرهبان مرة لينزل ويزورهم في مساكنهم، فارتحل مع من أتوا إليه، وحملوا الأرغفة والماء علي جمل، لأن كل تلك البرية مقفرة، وليس فيها علي الإطلاق مياه صالحة للشرب سوى في ذلك الجبل الذي منه كانوا يستقون المياه، والذي كانت توجد فيه صومعة أنطونيوس. ولذلك فعندما أعوزتهم المياه في الطريق، واشتدت الحرارة، وصاروا جميعا في خطر شديد. لأنهم لما تجولوا في التخم المجاورة، ولم يجدوا ماء، ولم يستطيعوا أن، يتقدموا خطوة واحدة، بل استلقوا علي الأرض، وصرفوا الجمل بعد أن استولوا عليهم اليأس. أما الشيخ فإذ رأي أنهم جميعا قد أحدق بهم الخطر، أنَّ بحزن عميق، وابتعد عنهم مسافة قليلة، وجثا علي ركبتيه، وبسط يديه وصلي. وللحال جعل الرب المياه تتفجر حيث وقف يصلي، وهكذا شرب الجميع وانتعشوا. ملئوا أوعيتهم وبحثوا عن الجمل حتى وجدوه، لأن الحبل تصادف أن علق بحجر فربط به الجمل، فساقوه وسقوه ووضعوا الأوعية علي ظهره، وأتموا رحلتهم بسلام. وعندما أتي إلى الصوامع الخارجية حياه الجميع ناظرين إليه كأب، وهو أيضا كأنه آت إليهم بالإمداد من الجبل، حياهم بكلماته، وأعطاهم نصيبا من المساعدة. وصار فرح في الجبل ثانية، وغيرة نحو التقدم، وتعزية بالإيمان المتبادل. وقد فرح أنطونيوس أيضا عندما رأي غيرة الرهبان، لا سيما عندما وجد أن أخته قد شاخت في العذارية وأنها هي أيضا كانت تقود غيرها من العذارى.

55. وهكذا بعد بضعه أيام ذهب ثانية إلى الجبل. ومن ذلك الوقت لجأ إليه الكثيرون. وتجاسر غيرهم من المرضي علي الدخول. وكل الرهبان الذين أتوا إليه كان يقدم إليهم بصفة مستمرة هذه الوصية: “آمنوا بالرب وأحبوه، احفظوا أنفسكم من الأفكار القذرة والملذات الجسدية، وكما هو مكتوب في سفر الأمثال “لا تخدعوا بامتلاء البطن”[103] واظبوا علي الصلاة ، تجنبوا الغرور والخيلاء، رنموا المزامير عند النوم وعند الاستيقاظ، احفظوا في قلوبكم وصايا الكتاب المقدس، اذكروا أعمال القديسين، حتى إذا ما تذكرت نفوسكم الوصايا بقيت علي وفاق مع غيرة القديسين”.

ثم نصحهم بصفة خاصة بالتأمل دواما في كلمة الرسول “لا تغرب الشمس علي غيظكم”[104] وكان يعتقد أن هذه تشمل كل الخطايا بصفة عامة. فليس المقصود الغيظ فقط، بل يجب أن لا تغرب الشمس علي أية خطية من خطايانا لأنه حسن، بل ضروري، أن لا تغيب الشمس علي أي شر بنا نهارا ولا القمر علي آية خطية ليلاً، أو حتى علي أي فكر شرير. ولكي تستمر هذه الحالة فينا يحسن أن نسمع الرسول ونحفظ كلماته لأنه يقول “جربوا أنفسكم. امتحنوا أنفسكم”.[105]

إذا يجب علي كل واحد أن يستخلص من نفسه كل يوم قصة أعماله في الليل والنهار. وإن كان قد أخطأ فليكف عن الخطية، وإن لم يكن قد أخطأ وجب أن لا يفتخر. بل ليتمسك بالصالح دون إهمال، وأن لا يدين أخوته، أو يبرر نفسه “حتى يأتي الرب الذي يكشف الخفيات”[106] كما يقول المغبوط بولس الرسول. لأننا كثيرا ما فعلنا بغير قصد الأشياء التي لا نعرفها، ولكن الرب يري كل شئ. لذلك إذ نسلم الدينونة له لنعطف بعضنا علي بعض. لنحمل أثقال بعضنا بعضاً[107] ولكن لنمتحن أنفسنا ونسرع لملء ما نقص فينا.

واتقاء للخطية لنراع الآتي: لينتبه كل منا. ولنسجل أعمالنا والدوافع المحركة لنفوسنا، كأننا سوف نقصها بعضا علي بعض. واثقين من أننا إن كنا سوف نخجل تماماً من أن تعرف الخطية، وجب أن نكف عنها، وألا نبقي علي أية أفكار شريرة في عقولنا. من ذا الذي لا يكذب بعد ارتكاب الخطية بسبب الرغبة في تجنب معرفة الآخرين لها؟ وكما أننا إذا روقبنا من بعضنا البعض فإننا لا نرتكب الخطية المادية، هكذا إذا سجلنا أفكارنا، كأننا سنخبر بها بعضنا بعضاً. حفظنا أنفسنا بسهولة من الأفكار الرديئة بسبب الخجل لئلا تعرف.

لذلك فليكن ما نكتبه عن أنفسنا بمثابة أعين زملائنا النساك، حتى إذا ما خجلنا من أن نكتب خطايانا كأننا قد أمسكنا بها فلن نفكر قط فيما لا يليق. فإن رتبنا أنفسنا بهذه الكيفية أمكننا إخضاع الجسد لارضاء الرب. كما أمكننا أن ندوس علي حيل العدو.
  رد مع اقتباس