عرض مشاركة واحدة
قديم 01 - 02 - 2021, 04:28 PM   رقم المشاركة : ( 2 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,313,411

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: حياة الأنبا انطونيوس للقديس أثناسيوس الرسولى

49. وعندما رأى نفسه محاطا بالكثيرين، ولم يحتمل الانسحاب عنهم وفقاً لما قرره، وإذ امتلأ قلبه خوفا بسبب الآيات التي عملها به الرب، لئلا ينتفخ، أو يفتكر فيه أحد فوق ما ينبغي أن يفتكر، فكر في الأمر مليا، واعتزم الذهاب إلى طيبة العليا بين من لا يعرفونه. وإذ تقبل بضعة أرغفة من الأخوة جلس علي شاطئ النهر، لعله يجد سفينة يستقلها، حتى إذا اعتلاها صعد في النهر معهم. وبينما هو يفكر في هذه الأمور جاءه الصوت من فوق “يا أنطونيوس إلى أين تذهب ولماذا ؟” أما هو فلم يضطرب قط، ولكنه إذ تعود أن يسمع مثل هذا النداء كثيراً، أصغي وأجاب قائلا: “طالما كانت الجموع لا تسمح لي بالهدوء، فإنني أريد الذهاب إلى طيبة العليا بسبب المعطلات الكثيرة التي ألقاها هنا، سيما لأنهم يطلبون مني أمورا فوق طاقتي”. ولكن الصوت قال له: “حتى إن ذهبت إلي طيبة، أو حتى إن نزلت إلى بوكوليا[98]، كما يخطر ببالك، فسوف تحتمل أتعاباً أوفر، بل تتضاعف أتعابك الحالية. أما إن كنت ترغب حقيقة في الهدوء فارتحل الآن إلى الصحراء الداخلية”. وعندما قال أنطونيوس: “ومن يريني الطريق لأنني لا أعرفه”، أشار الصوت في الحال إلى بعض العرب كانوا مزمعين الذهاب في ذلك الطريق، وهكذا تقدم أنطونيوس واقترب منهم، وسألهم ليذهب في الصحراء، فقبلوه بكل ارتياح، كأنهم قد تلقوا الأمر من العناية الإلهية. وإذ ارتحل معهم ثلاثة أيام وثلاث ليال وصل إلى جبل عال جداً ، وعند سفح الجبل كان يجرى ينبوع صاف، مياهه عذبة وباردة جدا، وفي الخارج كان هنالك سهل وقليل من أشجار النخيل غير معتني بها.

50. عندئذ أحب أنطونيوس المكان الذي كان مسوقاً إليه من الله، إذ كان هو الموقع الذى تكلم معه على شاطئ النهر. وهكذا إذ تقبل أولاً بضعة أرغفة من زملائه المسافرين معه لبث في الجبل منفردا ولم يكن معه أحد. وإذ أعتبره بيتاً له لبث فيه بقية الأيام التالية. أما العرب فإذ رأوا غيرة أنطونيوس تعمدوا اتخاذ ذلك الطريق فيما بعد في أسفارهم، وأحضروا إليه أرغفة بكل فرح، وفي نفس الوقت كان يأخذ من النخيل قليلاً من البلح، ولما عرف الأخوة المكان بعد هذا حرصوا علي إمداده بالطعام كأبناء يعنون بأبيهم. وعندما رأي أنطونيوس أن الخبز سبب تعبا ومشقة للبعض منهم، فإنه لكي يوفر هذا علي الرهبان اعتزم أن يطلب من بعض الذين أتوا أن يحضروا إليه جاروفا وفأسا وقليلا من الحنطة، ولما أحضرت هذه بحث الأرض المحيطة بالجبل، وبالعثور علي بقعة صغيرة من الأرض الصالحة فلحها، ولما وجد كمية مياه وافرة للري زرعها. فعل هذا عاماً بعد عام، وحصل علي خبرة بهذه الكيفية، وفرح لأنه لم يعد عبئا علي أحد، ولأنه حفظ نفسه غير ثقيل علي أحد. وبعد ذلك ، إذ رأي أن الناس أتته، زرع قليلا من الخضراوات، حتى يجد كل من أتاه قليلا من الغذاء بعد عناء السفر الشاق.

علي أن وحوش البرية في بداية الأمر كانت تأتي بسبب الماء، وكثيرا ما أتلفت بذارةه وزراعته. أما هو فأمسك بأحدها برقة ولطف وقال لجميعها: “لماذا تسيئين إلي وأنا لم أسئ إلى أى واحد منك؟ انصرفي، وباسم الرب لا تقربي هذا المكان”. ومن ذلك الوقت فصاعدا لم تقترب من المكان، كأنها قد خشيت أمره .
  رد مع اقتباس