سفر يوئيل في العهد الجديد
في كرازته يوم العنصرة، وقد كانت أوّل إعلان رسوليّ للبشارة المسيحيّة، استعمل بطرس الرّسول صيغة كتابيّة استعارها خاصّة من نبوءة يوئيل (3 /1- 5؛ راجع اعمال 2 /7- 24). وتظهر لنا هذه النبوءة فاتحة يذكرنا فيها الرّسول بما وعد الله بلسان النبي "أن يفيض روحه على كلّ بشر" (اعمال 2 /16). والأكيد بنظر بطرس الذي يتكلّم باسم الكنيسة (اعمال 2 /14)، أنّ نزول الرّوح يوم العنصرة يحقـِّـق هذا الوعد، وأنّ الأيّام الأخيرة قد تمّت (اعمال 2 /17؛ قارن يوئيل 3 /4 "يوم الربّ") وهي تخصّ مجيء المسيح "يسوع الناصريّ" الذي "صلبه اليهود الكافرون، وأقامه الله ورفعه وأعطاه أن يفيض الرّوح القدس الموعود" (اعمال 2 /24، 32- 33). وقد أعلن يسوع بعد قيامته هذه المواعد عندما بشَّر رُسُله (بأنّهم يعمَّدون في الرّوح القدس بعد أيّام قليلة" (أعمال 1 /5).
وإذا تساءلنا بأي معنى فهم بطرس والكنيسة نبوءة يوئيل فالجواب متشعِّب وغنيّ. لقد اكتشفنا في يوئيل أنّ الرّوح النازل على الإنسان يجرّده من قواه الطبيعيّة ليُهيّئه للرّجوع الكامل إلى الله (يوئيل 3- 4). فالأكيد أنّ الرّسل، وأوّلهم بطرس، قد "امتلأوا جميعًا من الرّوح القدس" (اعمال 2 /4)، فأضاعوا قواهم البشريّة الطبيعيّة التي كانت تدفعهم إلى "غلق أبواب الدار التي يقيمون فيها خوفًا من اليهود" (يو 20 /19)، وأخذوا بدافع من الرّوح يحملون كلمة الله بجرأة إلى النّاس فكانوا "شهودًا" ليسوع المسيح في "أورشليم واليهوديّة كلّها والسّامرة، حتّى أقاصي الأرض" (اعمال 1 /8).