والأكيد أنّ هذا التجرد المُطلق هو بحسب فكرة النبّي يوئيل الشّرط الأساسيّ للرُّجوع الكامل إلى الله. وهو يؤدّي عمليًا إلى تحويل جذريّ عند الإنسان. وهذا التحويل هو في توجيه جديد للحياة أكثر ممّا هو في طاعة لطقوس تعبِّر خارجيًا عن صيرورة باطنيّة. إنّه التوبة إلى الله في تمزق القلوب أو تغييرها وفي "الدّعاء باسم الرَّبّ" (2 /12- 14؛ راجع 1 /13- 14؛ 3 /15- 17). ويوضح النبّي في 3/ 5، أنّ توبة الإنسان مرتبطة بالاختيار الإلهيّ لأنّ الذين "دعاهم الرَّبّ" هم وحدهم الذين (يبقون" أو يخلصون بعد الامتحان الكبير. فعلى الإنسان إذًا، بعد أن يتجرّد عن كلِّ شيء وخاصّة عن ذاته، أن يتكل على الله ويرتكز بكلّ تواضع على نعمته الخلاصيّة، "لعل الرَّبّ يرجع ويندم لأنّه رؤوف ورحيم" (2 /14).
ويبشّر النبيّ يوئيل، في ثلاث نبوءات خلاصيّة موزّعة في كتابه، بكينونة جديدة يتمتّع بها كلّ من تجرّد وتاب بالمعنى المذكور (2 /18- 27؛ 3 /5، 4 /18- 21). وتتميّز هذه الكينونة بالبحبوحة العجيبة التي يعطيها الله لمؤمنيه (2 /21 ونتابع). إنّما هذه البحبوحة ليست بالذات غاية الحياة وهدفها، لأنّ المهم هو أن "يعرف" المؤمن الله بمعنى المعرفة الاختباريّة، وأن يسكن الله الأحد في وسط مؤمنيه فيوحّدهم ولا يخذلهم إلى الأبد (2 /27؛ 4 /17).