ترتيب السفر
إذا تفحصّنا ترتيب السِّفر لرأينا توضيحه صعبًا أيضًا. لقد كان المفسِّرون يميِّزون إلى الآن الجزء الأوّل (1- 2) ويحتوي على صلاة طقسيّة حزينة كُتِبَتْ بمناسبة مصيبة ضربت أرض يهوذا، ألا وهي اجتياح الجراد، والجزء الثاني ويحتوي على سلسلة نبوءات ذات طابع رؤيويّ موضوعها العام حكم الله وفوزه على الأمم. وموضوع "يوم يهوه"، بنظر هؤلاء المفسِّرين، هو الموحِّد بين الجزئين إذ إنّه بالضبط موضوع الجزء الثاني ويبرز أيضاً في الجزء الأوّل في 1/ 15؛ 2/ 1- 2، 10- 11.
وإنّما ليس بأكيد، بنظر المفسِّرين الحاليِّين، أنّ النبّي يصف في الجزء الأوّل حادثًا عاشه شخصيًا كشاهد عيان، ورأيهم أنّ يوئيل يقصد، في كلّ ما يتنبّأ عنه، التصدي لموضوع فاجعة كبيرة أو محنة مهمّة نستطيع أن نسمّيها فاجعة الفاجعات أو محنة المِحن، ألا وهي قدوم "يوم يهوه"، يوم ديجور، يوم ضباب يضطرب منه جميع سكّان الأرض (2 /1- 2). وفي هذا "اليوم" يُمتحن الناس امتحانًا ولا يخلص فيه إلّا الذين يتجرّدون مُطلقـًا من ذواتهم. ويتصدّى النبّي لهذا الموضوع مستعملاً كلّ ما عنده من إمكانيّة وقوّة في التعبير ليبلغ وصفُه قمته في الفصل الثالث والفصل الرابع. ويُلاحَظ بعد الانتباه أوّلا، وفي ما كان يسمّى الجزء الأوَّل والجزء الثاني، أنّ الفرق من حيث الأسلوب في التعبير شبه ظاهريّ ويتلاشى أكثر فأكثر، وثانيًا، أنّ النبّي يتحلّى بديناميّة مُدهشة تسمح له بقوََّته في الكلام عن تخريب العالم وتكوينه من جديد.