+ ولدت ونشأت في قرية تعيش علي الطقوس . لم تخترع طقوسها ، وانما حملتها معها بأمانة و حرص تمرق بها مخترقة حواجز الازمنة, وتجتاز تضاريس القرون, وهي تحقق بتلك الطقوس وظائف حياتية ودينية محددة, والحديث عن طقوس القرية لاينتهي فإنها تغلف حياة انسانها منذ الميلاد الي ما بعد الموت.ولأن القرية عاشت كبدن واحد تمتزج هموم مسلمها بمسيحيها في مواجهة الحياة الشاقة و المفاجآت الكونية, ويعود الفضل لذلك النهر العظيم الذي لم يكبح جماحه الا منذ سنوات قليلة, فقد كان غضب النيل لا يفرق بين مسلم و مسيحي أو بين من يملك ومن لا يملك.
+ لذا سقطت المسافات بين لابس العمامة, وواشم الصليب, ان مواجهة الفيضان ملحمة الملاحم, ومن لم ير قريته تواجه ثورة النيل يظل لا يعرف مصرنا الحقيقية, ولا يصل لكنه المعدن الخام الذي تشكل منه ضمير الانسان المصري . أهل القرية أغلبية مسلمة و أقلية مسيحية, يعمل مسلموها بالزراعة ونقل الغلال و تجارة الحبوب, أما مسيحيوها فورثة لصناعات المصريين القدماء من صباغة ودباغة و غزل و نسيج تعرفهم هناك بزرقة أيديهم الزرقة الدائمة وتعرف بيوتهم بحفر الانوال القابعة أمام الدور أو في الغرف الخارجية للبيوت وبانكبابهم علي دواليبها و أنوالها رجالا ونساء.لم يعلمنا أحد حب النصاري, و انما خرجنا للوجود فوجدناه.