سجـنـــه ثـم اسـتـِشـهــاده
سجن الرسول القديس بولس في روما للمرة الأولي في الفترة بين عام 61م وعام 63م . وكان الحراس في السجن يتناوبون على حراسته مرتين يوميا، وكان هؤلاء الحراس والمسجونين معجبين بهذا الأسير الممتلئ فرحا وتسبيحا رغم قيوده وسلاسله. وعندما كانوا يسألونه عن سبب فرحه كان يحدثهم ويشرح لهم أن سبب فرحه هو الرب يسوع المسيح الذي ظهر له في الطريق إلى دمشق ودعاه للكرازة بإسمه المبارك، وكان ينتهزها فرصة لتبشيرهم بديانته الجديدة، وكانوا يتحدثون عنه مع بعضهم البعض في معسكرهم. ومن كثرة تعلقهم به بدأت مجموعات صغيرة تتوافد إليه لزيارته والإستماع لكرازته بالمسيح ربا وفاديا ومخلصا، كقوله ” ثم أريد أن تعلموا أيها الإخوة أن أموري قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل. حتي أن ثقتي صارت ظاهرة في المسيح في كل دار الولاية وفي باقي الأماكن أجمع” (في 12:1-13)، مما كان له أثرا كبيرا في نفوس فرقة الحراسة خلال هذين العامين. ومع كونه مقيدا ومسجونا إلا أنه كان يدرك مقدار المسؤولية الموضوعة عليه وهي الاهتمام بجميع الكنائس التي أسسها والتي زارها كارزاً فيها . فكان يرسل إليهم من وقت لآخر رفقاءه المحيطين به كما كان ‘يحملهم برسائله للاطمئنان عليهم ولكي يثبتهم في الإيمان. وأخيرا بعد عامين كاملين مسجوناً وقف المجاهد في سبيل المسيح رسوله بولس أمام محكمة نيرون الاستئنافية، وشاءت العناية الالهية أن يصدر الحكم لصالحه. لأن اليهود المتعصبين سئموا وملوا من مطاردته فسكتوا ويبدوا أن التقارير الواردة من فستوس الوالي وقائد المئة يوليوس الذي كان مكلفا بحراسته حتى أوصله إلى رومية وأيضا شهادة الضباط الذين تناوبوا علي حراسته أثناء سجنه كان لها أثر كبير في براءته، وفوق كل ذلك كان القضاة الرومانيون لا يهتمون بالشكليات اليهودية، لذلك جاء الحكم ببراءته ففكوه من قيوده وأطلقوا سراحه. فذهب علي الفور ليستكمل رسالته العظمى التي كلفه بها ربنا يسوع المسيح عندما ظهر له وهو في الطريق إلي دمشق.