في الأصحاح الرابع يناشد القديس بولس اليهود والأمم بصفته أسيرا في الرب أن يسلكوا برباط السلام الكامل بكل تواضع ووداعة وطول أناة محتملين بعضهم البعض لأن هذه هي مقاصد الله الأزلية وهي توحيدهم في جسد واحد وروح واحد يخضع لرأس واحد وهو ربنا يسوع المسيح (أف 1:4-3). مؤكدا لهم حقيقة لاهوتية ايمانية وهي أننا كمسيحين لنا رب واحد، ونؤمن بإيمان واحد، ونلنا معمودية واحدة ، مشيرا إلي الثالوث الأقدس بأنه لنا إله وآب واحد للكل الذي يسود على الكل وابن واحد بالكل، وروح واحد في كل أعضاء أسرة الله الواحد (1بط2:1). ولكن لكل واحد منا أعطيت النعمة {نعمة الروح القدس بمواهبه} حسب قياس هبة المسيح الواهب النعم والعطايا لكل حسب قامته الروحية (أف5:4-12). ثم يقتبس القديس بولس من (مز18:68) ” صعدت إلى العلا. سبيت سبياً. قبلت عطايا بين الناس “مطبقا هذا المزمور علي السيد المسيح، فبصعود السيد المسيح أرسل لكنيسته المجتمعة في العلية يوم الخمسين الروح القدس بكل مواهبه منبثقا من الله الآب للرعاة والمعلمين من أجل بنيان المؤمنين وتأهيل شعب الله للعمل في خدمته لبنيان حسد المسيح. وأوضح القديس بولس أن كمال كنيسة المسيح ونضوجها يكون بعمل المسيح فيها، إذ له عمله الموحد لكل الجسد وكل مفاصله، بحصول كل مفصل علي موهبة الخدمة، كما يمنحها ربنا يسوع المسيح.
إن طبيعة النعمة تجعلنا نتحلي بطبيعة جديدة نكون فيها مولودين بتجديد من الروح الذي ينمو ويزداد كقوة مسيطرة تتصارع مع الطبيعة القديمة وتنتصر عليها، فالولادة الجديدة بالمعمودية ومسحة الروح القدس وسيطرته تعيد للإنسان الجديد تلك الصورة الإلهية التي سبق أن شوهتها الخطية (تك27:1)، وبذلك يعود بواسطة عمل فداء السيد المسيح إلي البر والقداسة التي فقدها بسقوط آدم الأول (أف19:4 -24)، كقوله “اتبعوا السلام مع الجميع و القداسه التي بدونها لن يري احد الرب “(عب14:12).
ثم يبدأ في ارساء بعض المبادئ الأساسية في الإنسان الجديد وسط اخوته وهي الصدق وعدم الكذب، مقدما النصح والارشاد” اغضبوا ولا تخطئوا. لا تغرب الشمس علي غيظكم ” (أف26:4)، وأن المختومين بالروح القدس يجب ألا ” يحزنوا روح الله القدوس الذي خُتموا به ليوم الفداء” (أف30:4)، وأن يكونوا لطفاء شفوقين متسامحين كما سامحهم الله أيضا في المسيح.