القديس مقاريوس والمرأتان:
طلب يومًا من الرب أن يريه من يضاهيه في سيرته، فجاءه صوت من السماء قائلًا: "إنك إلى الآن لم تبلغ ما بلغت إليه امرأتان في مدينة الإسكندرية"، وسأل حتى وصل إلى منزلهما، فلما دخل رحبتا به وغسلتا قدميه، ولما استعلم منهما عن سيرتهما قالت له إحداهما: "لم تكن بيننا قرابة جسدية، ولما تزوجنا هذين الأخوين طلبنا منهما أن يتركانا لنترهَّب، ولما لم يسمحا لنا عاهدنا أنفسنا أن نقضي حياتنا بالصوم إلى المساء والصلاة الكثيرة. وقد رُزِقت كلٍّ منا بولد، متى بكى أحدهما تحضنه الواحدة وترضعه حتى وإن لم يكن ولدها، ونحن في عيشة واحدة ووحدة الرأي رائدنا واتحاد القلوب غايتنا، وعمل زوجينا رعاية الغنم ونحن فقراء ونكتفي بقوت يومنا وما يتبقى نوزعه على المساكين". فحينما سمع القديس هذا الكلام هتف قائلًا: "حقًا إن الله ينظر إلى استعداد القلوب ويمنح نعمة روحه القدوس لجميع الذين يريدون أن يعبدوه"، ثم ودعهما وانصرف راجعًا إلى البرية.
كان بأوسيم راهب قد أضل قومًا بقوله أنه لا قيامة للأموات، فحضر إلى القديس مقاريوس أسقف أوسيم وشكا إليه أمر هذا الراهب، فذهب إليه ولم يزل به حتى أرجعه عن ضلاله.