الأشرار لا يفهمون ولا يطلبون الله. لو كانت عقولهم غير مظلمة لعاينوا جمال الإلهيات وأحبوها. وإذا ما أحب البشر الإلهيات فإنهم يعرفون شيئًا بل والكثير عن جملها، فإننا لا نقدر أن نعاين الجمال ما لم نحبه، ولا يمكننا أن نعطي إهتمامًا حيويًا ومبهجًا لأمر ما ما لم يكن لدينا الاستعداد أن نحتضن هذا الأمر.
كلمة "فاهم" هنا في النص جاءت في مواضع أخرى في الكتاب المقدس بكونها: "حكيمًا، متعقلاً، خبيرًا، ماهرًا" (دا 12: 10؛ عا 5: 13؛ إر 1: 9؛ دا 1: 4) وأيضًا لتعني: "يعلم، يسلك بحكمة" (2 كو 30: 22؛ 1 صم 18: 14-15). كما جاءت في صيغ أخرى للكلمة لتعني: "يعتبر، ينتعش، يتثقف، ينال نجاحًا صالحًا، يتصرف بفطنة" (أي 34: 27؛ أر 10: 21؛ 20: 11؛ 23: 5؛ نح 9: 20؛ أم 21: 11؛ يش 1: 8، إش 52: 13). فالأشرار بذواتهم لا يتحلّون بالحكمة أو الفطنة أو الخبرة أو المهارة، لا يسلكون بتعقل ولا يقدّمون تعليمًا صادقًا، ولا يتعلمون تعليمًا صحيحًا، وهم ليسوا ناجحين في حياتهم ولا يزدهرون. كلهم سخفاء، لا يتمتعون بعنصر واحد من الحكمة في كل سلوكياتهم، من جهة التزاماتهم وإخلاصهم.
أما كلمة "يطلب (يفتش)" فقد جاءت بمعنى يستفهم (تث 13: 11)، أو يبحث (إر 29: 13)، أو يعتني (أي 3: 4) أو يهتم (تث 11: 12؛ 142: 4). فالأشرار لا يهتمون بالله ولا يلتفتون نحوه ولا يبحثون عنه ولا يطلبونه. وقد جاء الفعل المقابل لها "يجد" فالحكمة الحقيقية تقوم على طلب الله والعثور عليه[294].