عرض مشاركة واحدة
  رقم المشاركة : ( 1 )  
قديم 12 - 05 - 2012, 09:58 AM
الصورة الرمزية tito227
 
tito227 Male
..::| VIP |::..

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو
  tito227 غير متواجد حالياً  
الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 17
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 2,845

ماهي الفضيلة وكيف تقتني؟




بقلم : البابا شنودة الثالث :


ماهي الفضيلة؟ وما معني عبارة إنسان فاضل؟

ربما عبارة إنسان فاضل تعني إنه إنسان خير‏,‏ يحب الخير ويعلمه ويحب البر‏.‏ والفضيلة قد تعني النقاوة‏,‏ نقاوة القلب‏,‏ والسير في طريق الله‏,‏ وقد تعني قوة في النفس تمكنها من الانتصار علي كل نوازع الشر واغراءاته وتمارس الحياة البارة‏.‏

وربما الفضيلة تعني الارتفاع فوق مستوي الذات‏.‏ بحيث يخرج الإنسان من دائرة ذاته‏,‏ ويعيش لغيره‏,‏ يخرج من الاهتمام بنفسه أو التركيز علي نفسه للاهتمام بالآخرين‏.‏ يخرج من محبته لنفسه الي محبته لله والناس‏..‏ نقول هذا لأن الخطيئة كثيرا ماتكون انحصارا حول الذات‏.‏ كأنسان يريد أن يرفع ذاته‏,‏ ويمتع ذاته‏,‏ ويشبع رغبات ذاته‏.‏

**‏ الفضيلة أيضا هي ارتفاع فوق مستوي اللذة‏,‏ لأن غالبية الخطايا قد تكون مصحوبة بلذة حسية أو لذة نفسية‏,‏ فتدور حول ملاذ الجسد أو الفكر أو النفس‏,‏ وتصبح لونا من اشباع الذات وبطريقة خاطئة‏,‏ فالذي يحب المال أو المقتنيات‏,‏ إنما يجد لذة في المال أو في المقتنيات وكذلك من يحب الزينة‏,‏ ومن يحب الأطعمة ومن يحب المناصب أو الشهرة إنما يجد لذة في كل هذا ومن يحب الجسد يجد لذته في الجسد‏,‏ ومن يحب الانتقام لنفسه يجد لذة في ذلك‏...‏ الخطيئة إذن قد تكون سعيا وراء اللذة وحينئذ تكون الفضيلة هي ارتفاع فوق مستوي اللذة إلي أن تجد إشباعا لها في السعادة الروحية والسعادة غير اللذة‏,‏ والفرح غير اللذة‏,‏ فاللذة غالبا ماتكون مرتبطة بالحواس‏,‏ بالجسد والمادة أما السعادة والفرح فيرتبطان بالروح‏,‏ ولذلك فالفضيلة إذن هي إرتفاع فوق مستوي المادة أيضا‏.‏

بقي أن نوضح كيف نقتني الفضيلة؟ ومامصادرها؟

**‏ أول مصدر للفضيلة هو الحكمة والإفراز والمعرفة الحقيقية أي المعرفة التي تميز بين الخير والشر‏.‏ ومن جهة الحكمة فالحكيم الحقيقي بالضرورة يسلك في حياة الفضيلة‏,‏ أما الخاطيء فإننا نصفه بالجهل حتي ولو كان من العلماء‏!‏ إنه جاهل بطبيعة الأمور وجاهل بطبيعة الخير وجاهل بمصيره الأبدي‏,‏ وجاهل بما تجلبه الخطيئة من نتائج‏..‏ فالخاطيء جاهل لايعرف خيره من شره ولانفعه من ضره ولانقصد بكلمة جاهل المعني السطحي للكلمة بما تعني أنه أن يتعلم في مدارس أو علي أساتذة‏,‏ إنما الحاجة الي التوعية والإرشاد‏.‏

حتي الإلحاد‏:‏ يقول المزمور قال الجاهل في قلبه ليس إله‏..‏ حتي ولو كان هذا الملحد من فلاسفة عصره‏.‏ إنه جاهل‏!‏

أما الإنسان الحكيم فكلما يتعب في الحكمة فإنه يتعمق في فهم الأمور ويعرف ماينبغي أن يكون‏.‏ علي أن المعرفة والحكمة وحدها لاتكفي‏,‏ فقد يعرف الإنسان الخير‏,‏ ولايسلك فيه‏!,‏ وهنا نعرض المصدر الثاني للفضيلة‏.‏

**‏ المصدر الثاني للفضيلة هو قوة الإرادة والعزيمة لأن هناك أشخاصا لايسلكون في طريق الفضيلة‏,‏ لأنهم مغلوبون من أنفسهم‏,‏ فالصالح الذي يريده كل منهم لايفعله‏..‏ ويحتاج هؤلاء أن يسلكوا في تدريبات روحية لتقوية الإرادة‏,‏ لذلك أن ضعف الإرادة يسبب الوقوع في الخطيئة والوقوع في الخطيئة يؤدي الي مزيد من الضعف كل منهم يكون سببا ونتيجة للآخر‏..‏

لذلك نقول عن الإنسان الفاضل إنه إنسان قوي‏:‏ قوي في الوضوح وفي الفكر وفي العزيمة وفي التنفيذ‏.‏ قوي في الانتصار علي الحروب الخارجية وفي الانتصار علي النزعات الداخلية‏,‏ أما الذي تستعبده عادة رديئة فهو إنسان ضعيف‏,‏ والذي لايستطيع التحكم في لسانه‏,‏ ولا التحكم في أعصابه‏,‏ ولا التحكم في فكره فهو إنسان ضعيف‏,‏ وبسبب هذا الضعف يبعد عن الفضيلة حتي وإن تاب عن الخطيئة يعود إليها مرة أخري‏.‏

**‏ من مصادر الفضيلة ايضا المبادئ والقيم‏,‏ فالانسان الروحي الذي له مبادئ وقيم يحرص عليها تحصنه فلايفعل خطيئة‏.‏ مهما حورب بخطيئة معينة يقول لا أستطيع مطلقا أن أفعل هذا الأمر ضميري يتعبني وهكذا يوسف الصديق حينما حورب بالخطيئة‏.‏

أما الإنسان الخاطيء فلا قيم عنده إنه يكذب لأن الصدق لاقيمة له في نظره ويزني لأن العفة لاقيمة لها في نظره‏..‏ وهكذا يكون موقفه مع باقي الفضائل وبسبب ضياع القيم عنده يقع في الاستهتار واللامبالاة‏..‏ ولهذا لا الوقت له قيمة ولا المواعيد ولا النظام العام ولا القانون ولا التقاليد‏,‏ ولاشيء علي الإطلاق‏!‏

**‏ من مصادر الفضيلة أيضا مخافة الله‏.‏ فالذي توجد مخافة الله في قلبه‏,‏ لايخطيء فالإنسان الروحي يخاف أن يكسر وصايا الله ويخاف اليوم الذي يقف فيه أمام الله ليقدم حسابا عن أعماله وبالمخافة يسلك في طريق الفضيلة وبممارسة الفضيلة يحبها‏.‏

**‏ من مصادر الفضيلة أيضا الموهبة الإلهية والفضيلة علي نوعين‏:‏ نوع يولد الإنسان به بطبع هادئ طيب‏,‏ ونوع آخر يجاهد فيه الإنسان حتي يصل إلي نقاء القلب والفكر‏.‏ وما أعجب المثل العامي الذي يقول‏:‏ مالك متربي؟ قال من عند ربي‏.‏ علي أن كثيرين جاهدوا حتي يصلوا الي الفضيلة مثال القديس أو غسطينوس‏..‏ حتي الذين ولدوا بالفضيلة يحتاجون أيضا إلي جهاد حتي لايفقدوا برهم نتيجة لحروب الشياطين‏,‏ وأيضا يلزمهم الجهاد من أجل النمو في حياة الفضيلة‏.‏

**‏ أيضا مما يساعد علي الوصول إلي الفضيلة والنمو فيها النعمة أي نعمة الله التي تقوي وتشجع وتقود الي الخير‏.‏ إنما يجب علي كل إنسان أن يتجاوب مع نعمة الله العاملة فيه‏,‏ كذلك طاعة الإنسان لوخذ الضمير الذي يوبخه كلما أخطأ ويدعوه إلي اليقظة الروحية باستمرار‏,‏ وإلي التوبة كلما بعد عن الفضيلة فطاعة الضمير وسيلة مهمة نقتني بها الفضائل‏,‏ وقد وضع الله الضمير في كل إنسان قبل أن يرسل الشريعة المكتوبة‏.‏ والضمير الصالح هو مرشد قوي‏.‏




نقلا عن الأهرام
نشر بتاريخ 04-10-2009
رد مع اقتباس