2. داود البريء:
إذا كان العدو يطارد داود، التجأ الأخير إلى الله، في بيت الله، حيث يخضع لقسم التبرئة، مُقسمًا أنه برئ [4، 6؛ 1 مل 8: 31-32]، لا من كل خطايا، وإنما مما أتهم به ظلمًا! إذ وُجهت إليه تهمة التآمر والخيانة ضد حياة شاول وتاجه، تمامًا كما حدث مع أيوب (أي 31: 1) الخ، لذلك أقسم داود معلنًا تبرئته وتطهيره من هذا الذنب، باذلاً جهدًا عظيمًا لينطق مؤكدًا ضميره الصالح؛ وفي جرأة راح يستدر حكم الله العادل، فلا بديل لتبرئته سوى طلب عدالة الله. لهذا تضرع من أجل النجاة لكي يتمجد الله في حكمة بالبراءة.
من يتألم ظلمًا دون ذنبٍ ارتكبه لا يخاف شيئًا، بل يعرف يقينًا أن الله يسمعه ويستجيب لصلاته، ويحارب عنه معانديه، ويتحمل عنه كل ضيق، بل ويقاوم مقاوميه ومضطهديه (2 تس 1: 4، 8). إذ كان لداود ضمير صالح خاصة في معاملاته مع أعدائه لم يخش أن يحتكم للسماء. وكما يقول القديس بولس: "لأن فخرنا هو هذا، شهادة ضميرنا أننا في بساطة وإخلاص الله لا في حكمة جسدية بل في نعمة الله تصرفنا في العالم ولا سيما من نحوكم" (2 كو 1: 12). كما يقول القديس يوحنا الحبيب: "أيها الأحباء، إن لم تلمنا قلوبنا فلنا ثقة من نحو الله" (1 يو 3: 21). من له الضمير الصالح في الرب لا يخشى مقاومة الناس بل يحتكم لله الفاحص الأعماق. كثيرًا ما يتعرض للضيقات، لكنه يؤمن بذاك القادر أن يبرر ويمجد أولاده!
إذ لم يحتقر داود النبي وصية الله فأحب أعداءه دون أن يُضمر في قلبه شرًا أو يحمل فيه حقدًا، لهذا اطمأن أنه لن تحل به لعنةً ما بل يستجيب الله لصلاته.