6-الافخارستيا
لم ترد لفظة ((الافخارستيا))في كتابات أفرام،إنما نجد عنده ألفاظاً أخرى تحمل ذات المدلول مثل:دم المسيح،الخبز ،السر ،القربان،الذبيحة.وكل هذه التعابير تشمل الذبيحة والتقدمة والاحتفال (الكنيسة25/14 ).أسسه يسوع نفسه بصفته الحبر الأعظم ،أما الذي يضمن استمراريته في الجماعة (الكنيسة)فهو الروح القدس والكاهن(الإيمان8/8 ، 40/10 ).والغاية من تأسيسه،خلاص الإنسان في وجوده الكامل: ((إن جسده ،بطريقة جديدة ،قد اختلط بجسدنا ،ودمه النقي قد امتزج بدمنا ،
وصوته ولج آذاننا ،وبهاؤه في عيوننا ،هو كله صار بحنانه في وجودنا))(البتولية37/2 ).((خبزه بدون جدل يؤكد قيامتنا .فإذا كان قد بارك الطعام ،فكم بالأحرى يبارك الذين يتناولونه))؟(دياطسرون5/16 ).
ويعتبر أفرام القربان المقدس مرتكز تدبير الخلاص ،لذلك يجد صورا ورموزا له في الكتاب المقدس ،في قرابين الاباء الأولين :هابيل وابراهيم واسحق ويعقوب والفصح اليهودي والخروج وأقوال الأنبياء ،وكذلك في عرس قانا والصيد العجائبي وتكثير الخبزات ،بالنسبة إلى العهد الجديد ((ترانيم نصيبينية 46/11،الإيمان10/10 ،البتولية 33/7 ).وحين يتكلم أفرام عن القربان المقدس ،يمزج النصوص الكتابية بالتقليد الليترجي لكنيسته ،فنجد عنده مثلا المصطلحات الطقسية التي لا نزال نستعملها اليوم في القداس مثل كسر ومزج ورسم:الكسر هو الفعل الذي يتم على الخبز والمزج على الكأس والوسم يدل على الاتحاد والقيامة والحياة.لأن القربان هو حقا رمز موت المسيح ودفنه وقيامته (الفصح 7/2،دياطسرون48/2 ).كما يستعمل لفظة ((مزج))في معنى لاهوتي عميق لاظهار نشاط الله في الخليقة. ((إن البكر لبس طبيعتنا وامتزج بالبشرية .أعطى ما كان له وأخذ ما كان لنا لكي يقدر بامتزاجه أن يعطينا نحن المائتين))(ضد البدع32/9 ).
لا يوجد عند أفرام المفهوم الغربي للاستحالة .أما المناولة ـ الشركة فتتم في الخبز والخمر:
((إن الجسد المكسور ها هوذا يقسم بيننا ،والكأس التي ناولها تلاميذه ها هي ذي شفاهنا تشرب منها))(دياطسرون48/2 ).وكان المؤمنون يتناولون في راحة اليد اليمنى ويشربون من الكأس ((إقبلوا القدس على راحة يدكم وتناولوا الحَياة في لسانكم))(ملحق القداس الكلداني،الموصل1901))ترتيلة2 لأفرام ص303 .((نملك الله في يدنا ،فلا يكن غضن في جسدنا))(ضد البدع47/12 )((إن السنبلة الحقيقية أعطت خبزاً سماويا غير متناه.الخبز الذي كسره البكر في البرية ،نفد وانتهى ولو كان قد كثره .وعاد فكسر خبزا جديدا لم يكن بمقدور الأجيال أن تستهلكه .الخبزات السبع التي كسرها انتهت ،كذلك الخبزات الخمس التي كان قد كثرها.
خبز واحد كسره غلب الخليقة ،لأنه بقدر ما يوزع ـ على المدعوين ـ بقدر ذلك يتضاعف .ملأ،
كذلك جرات كثيرة خمرا ،استقوا منها فنفذت الخمر ولو كان ملأها .أما الكأس التي ناولها تلاميذه،
ولو كانت بسيطة فقد كانت قدرتها بدون حد.كأس تحتوي على كل الخمور ،لكن السر الذي فيها هو نفسه ،وحيد الخبز الذي كسره بدون حد،ووحيدة الكأس التي مزجها بدون نهاية .
من يتناوله بطريقة جسدية ،بدون تمييز ،يتناوله عبثا ،وخبز الرحمان الذي يأخذه بوعي يكون دواء الحياة… الذي يأكل من قرابين قربت بأسم الشياطين ،يصبح شيطانيا بدون ريب ،والذي يتناول الخبز السماوي ،يغدو سماويا ،بدون شك ))(الميلاد 4/87 ـ 103 ).