يقول أُنسيمس الأورشليمي: [إن المرتل يقصد هنا بكلمة "الصباح" العبادة المسيحية، لأن اليهود الذين كانوا تحت ظلال الناموس اعتادوا الاحتفال بالفصح عن المساء، أما الآن فقد أشرق شمس البر بالتجسد، فنعبده في الصباح، مستنيرين بأشعته الإلهية. يمكننا القول بأن الفصح المسيحي الجديد قد تحقق في الصباح بقيامة مخلصنا، هذا الذي أباد الموت وحطم قوة الشيطان.
يقول المعلم دانيال الصالحي [إن روح النبوة يخبرنا بأسرار جسيمة وإلهية على لسان الطوباوي داود... وأن هذا الملك والنبي بعدما دعا (عمانوئيل) في المزمور الأول شجرة مثمرة عديمة الفساد، وفي المزمور الثاني أنذر به مولودًا أزليًا، وفي المزمور الثالث سماه ربًا وإلهًا ومخلصًا، وفي المزمور الرابع دعاه صالحًا ونور وجه الآب؛ يسأل المرتل في هذا المزمور الخامس طالبًا ومتضرعًا بروح النبوة أن يخرج من ليل الناموس، ويأتي إلى الصباح المضئ المبهج الذي هو كلمة الآب الأزلي... (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و التفاسير الأخرى). يُريد أن يعلمنا أن عمانوئيل مدعو صباحًا، لأنه هو النور الحقيقي الذي لا تشوبه ظلمة ليل قط، وهو القادم بعد ليل الناموس المظلم. هذا هو الصباح الذي سماه يوحنا: "النور الحقيقي الذي يضيئ لكل إنسان آت إلى العالم"، وظلمة الناموس لم تدركه...
هكذا قد جاء سيدنا ذاك الصباح والنور الحقيقي بعدما أسودَّ العالم في ظلام الخطية...
قال مصباح الحياة: "أنا نور العالم"، ثم زاد فقال: "من يأتي ورائي لن يمكث في الظلمة لكنه يجد نور الحياة"].
كان المرتل يتطلع بثقة إلى فوق منتظرًا استجابة الله لصراخه. هذا التصوير مأخوذ عن وضع إنسان في برج مراقبة ليعلن عن اقتراب رسول عائد أو عن تحركات أي شخص آخر. هكذا توصف حالة العقل في موضع آخر بالأنبياء، فيقول حبقوق: "وعلى البرج أقف، على الحصن انتصب وأراقب لأرى ماذ يقول لي" (2: 1)؛ وميخا يقول: "ولكني أراقب الرب، أصبر لإله خلاصي؛ يسمعني إلهي" (7: 7).
4. يتجاسر المرتل فيدعو الرب [1]، إذ يقف أمامه كل صباح في بيت الرب. يقابل ذلك، لا يستطيع الأشرار أن يطلبوه لأنهم لم يقبلوا الدخول في قدسه كضيوف عنده يسكنون معه [4].
يدرك المرتل قداسة الرب ويعيها جيدًا، لهذا يحفظ نفسه بعيدًا عن الأشرار الكذبة المخادعين سافكي الدماء.
"تهلك كل الناطقين بالكذب.
رجل الدماء والغاش يرذله الرب" [6].
الكذب والغش وكل الخطايا لا تؤذي الله، إنما تحطم الذين يمارسونها. يعلق الأب ثيؤدورت أسقف قورش على العبارة السابقة قائلاً: [لا شيء يؤذي الله الذي لا يمكن أن يتدنس[164]].
* إذ يعطي (الكذبة) ظهورهم للوجود الحقيقي (الحق) يتحولون إلى اللاوجود (الكذب الباطل).
القديس أغسطينوس