ثالثاً ــ قصة حياته
تنقسم قصة حياته إلى قسمين، أولهما من دعوته إلى صعود المسيح، وثانيهما من الصعود إلى نهاية خدمته على الأرض.
ــ ويمكن أيضاً تقسيم الفترة الأولي منهما إلى ما حدث قبل أسبوع الالام، ثم ما حدث بعد ذلك حتى صعود الرب.
وتوجد نحو عشرة أحداث هامة قبل أسبوع الالام هي : شفاء حماته في كفر ناحوم ( مت 8 : 14و15 )، ثم صيد الكمية الكبيرة من السمك وما نتج عنها من تسليم نفسه بالكامل ليسوع ( لو 5 : 1 ــ 11 )، دعوته ليكون رسولاً وتأهيله روحياً لذلك ( مت 10 : 2 ). التصاقه بسيده كما ظهر في محاولته السير على الأمواج ( مت 14 : 28 ). نفس الإِرتباط بالسيد كما بدا في قوله : " يارب إلى من نذهب ؟ " ( يو 6 : 68 ). اعترافه الرائع بيسوع بأنه هو "المسيح ابن الله الحي " وما أعقب ذلك من توبيخ له ( مت 16 : 13 ــ 23 ). الامتيازات الرفيعة التي حظي بها مع يعقوب ويوحنا في مشاهدة إقامه ابنة يايرس ( مرقس 5 : 37 )، وتجلي الرب
( مت 17 : 24 ).
أما الأحداث التي بدأت بأسبوع الالآم، فنعرف عنها الشيء الكثير لأنها مسجلة في كل الأناجيل، وتكاد تكون بنفس الترتيب. وتبدأ بغسل السيد لرجليه في ليلة الفصح الأخيرة، وقد أخطأ خطأين في تلك المناسبة ( يو 13 : 1 ــ 10 )، أولهما اعتداده الجريء بنفسه وبشدة ولائه ومحبته لسيده، وتحذير سيده له من هجمة الشيطان القادمة عليه ( لو 22 : 31 ــ 34 ). وقد تكرر ذلك مرتين قبل أن يلقى القبض على الرب في البستان ( مت 26 : 31 ــ 35 ).
ثم اصطحاب الرب له مع ابني زبدي لمشاهدة معاناة الرب في جشسيماني، وتنبيه الرب لهم أن يسهروا ويصلوا، وفشلهم في ذلك حيث أنه كلما جاءهم وجدهم نياما ( مت 26 : 36 ــ 46 )، ثم تهوره في قطع أذن ملخس ( يو 18 : 10 ــ 12 )، ثم تخليه عن الرب، وهو يقاد أسيراً، وسيره وراء الموكب من بعيد، ودخوله إلى قصر رئيس الكهنة، ثم إنكاره له " قدام الجميع "، وتأييده ذلك الإِنكار بقسم ثم يلعن وحلف، ثم تذكره لتحذير الرب له عند صياح الديك وعندما التفت الرب ونظر إلى بطرس، خرج إلى خارج وبكي بكاء مراًّ ( مت 26 : 56 ــ 28، مرقس 14 : 66 ــ 72، لو 22 : 54 ــ 62، يوحنا 18 : 15 ــ 27 ).
وهكذا نرى أن قصة سقوط بطرس قد سجلها البشيرون الأربعة، ولكن كما يقول أحدهم : " لم يصفها أحد منهم في صورة مخزية كما سجلها مرقس. وإذا كان إنجيل مرقس ــ كما هو المعتقد عموماً ــ قد راجعه بطرس نفسه بل قد كُتب بارشاده، فإن في ذلك الدليل القوي على مدى إخلاصه وندمه الصادق ". ولا نسمع شيئاً عن بطرس بعد ذلك حتى صباح يوم القيامة، فحالما سمع الأخبار الأولي عن ذلك، أسرع مع يوحنا إلى رؤية القبر
( يو 20 : 1 ــ 10 ) كما أن الملاك يذكر اسمه ــ بخاصة ــ للنسوة ( مرقس 16 : 7 ). وفي نفس اليوم يرى بطرس يسوع حياً قبل أن يراه أحد آخر من الاثنى عشر ( لو 24 : 34، اكو 15 : 5 ). ثم عند بحر طبرية يعطى الرب الفرصة لبطرس للاعتراف ثلاث مرات بالرب يسوع الذي سبق أن أنكره ثلاث مرات. ومرة أخرى يكرر الرب له الدعوة ليكون رسولاً له يرعى غنمه وخرافه. ثم ينبئه بالميتة التي سيموتها. ثم أم الرب له : " اتبعني انت " ( يو 21 ).