لماذا يكون الإيمان الرسولي المسيحي هو الأصح لاهوتياً؟
لأنه الإيمان الذي لم يُفرض عليهم فرضاً، ولا تلقَّنوه تلقيناً، ولا تعلَّموه تعليماً، أي أن الفكر البشري والذكاء البشري والعلم البشري لم يشترك فيه!
ولكنه كما يقول السيد المسيح وهو يركِّز جداً على ما يقول لأهميته القصوى، ثم جعل هذا الإيمان هو أساس الكنيسة المزمعة أن تكون أو التي صارت من لحظتها: «فأجاب سمعان بطرس وقال: أنت هو المسيح ابن الله الحي. فأجاب يسوع: طوبى لك يا سمعان بن يونا. إن لحماً ودماً لم يُعلن لك، لكن أبي الذي في السموات. وأنا أقول لك أيضاً أنت بطرس وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي.» (مت 16:16-17) قول المسيح لبطرس: ”طوبى لك“ هو عائد الإيمان السماوي. فبطرس تلقَّاه من الآب السماوي دون كافة التلاميذ لأمور كثيرة، أهمها انفتاح الذهن، وقبوله الاستعلان السماوي، مع جرأة وشجاعة أن يصف المسيح بأوصاف إلهية لم ينطقها أحد قبله. فاعتُبر القديس بطرس الرسول أول وعاء كنسي تقبَّل أول وأهم مقولة إلهية في لاهوت الكنيسة حُسبت أنها بناء على صخر روحي. وكون المسيح نفسه ينفي نفياً قاطعاً أن لحماً ودماً تدخَّل في هذا الإعلان اللاهوتي فهذا معناه أنه ينفي أن يكون القديس بطرس قد تلقَّاه بالمعرفة، لا بمعرفته ولا بمعرفة مخلوق بشري من دم ولحم. ثم بعد النفي القاطع بأن بطرس لم يتلقَّ إيمانه من بشر بأية وسيلة كانت، أعلن المسيح السري الوحيد للإيمان والسماوي والوحيد الذي تلقاه بطرس من الآب السماوي!!! وهل حافظت الكنيسة على هذا الإيمان الرسولي؟
هذا يؤكده بولس الرسول تأكيداً قاطعاً أن: «وليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب إلا بالروح القدس» (1 كو 3:12)، بمعنى أن أية صورة للإيمان بالمسيح يسوع إن لم تكن بدافع وبقوة الروح القدس تكون صورة إيمانية ناقصة ليست لها الطوبى، بمعنى أنه يكون إيمان بلا نتيجة ولا جزاء. لهذا أكَّد المسيح:
«ومتى جاء المعزِّي الذي سأُرسله أنا إليكم من الآب روح الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي، وتشهدون أنتم أيضاً لأنكم معي من الابتداء» (يو 26:15-27)، وصحتها: ”وأنتم كنتم معي من البدء.“ فالأُولى: «تشهدون أنتم أيضاً» شهادة؛ والثانية ”كنتم معي من البدء“ معاينة، وهي أكثر من الشهادة:
+ «بل قد كنَّا معاينين عظمته. لأنه أخذ من الله الآب كرامة ومجداً، إذ أَقـْبَـل عليه كهذا من المجد الأسنى: هذا هو ابني الحبيب الذي أنا سررتُ به. ونحن سمعنا هذا ال مقبلاً من السماء، إذ كنا معه في الجبل المقدس.» (2بط 16:1-18) على أن الرب منذ أن اختار الاثني عشر، اختارهم: «ليكونوا معه» (مر 14:3) أي لينظروا مجده (يو 14:1).
والقصد من الكلام أن المسيح أرسل الروح القدس الذي من عند الآب ينبثق ليشهد للمسيح لأنه روح المسيح وروح الآب. فشهادة الروح القدس أعظم شهادة وأعظم من الرؤيا. أما الإيمان الرسولي فهو من شهود معاينين والروح القدس المتكلم فيهم، لذلك كان الإيمان الرسولي إيمان شهادة بالروح القدس ومعاينة أيضاً. لذلك أصبح إيمان الرسل لا يضاهيه إيمان مهما كان، والكنيسة فخورة بأنها كنيسة مبنية على أساس الرسل والمسيح نفسه حجر الزاوية.
فحلول الروح القدس على الرسل حتى الملء يوم الخمسين، وهم أصلاً كانوا معاينين المسيح ومعاينين عظمته على الجبل المقدس، جعلهم أساساً للإيمان المسيحي بالدرجة الأولى.
ومن أجل هذه الشهادة أعطى الرب الرسل الاثني عشر أن يتكلموا بلغة الروح القدس التي يفهمها كل لسان وشعب وأمة على الأرض. فهي لغة الإنسان الجديد أو الخليقة الجديدة الناطقة بروح الله.
+ «تلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البر وقداسة .» (أف 24:4)
+ «ولبستم الجديد الذي يتجدد للمعرفة حسب صورة خالقه.» (كو 10:3)
الأب متى المسكين