القديس يوحنا الدمشقي
إنّ القديس يوحنا الدمشقي هو آخر الآباء الشرقيِّين، وقد عمل في لاهوته على عرض أفكار الآباء اللاهوتيّة في منهج تعليميّ. لذلك، في موضوع الثالوث الأقدس، لا تختلف نظرته عن نظرة الآباء الكباذوكيّين. ولقد أوجزها في الفصل الثامن من القسم الأوّل من كتابه "المئة مقالة في الإيمان الأرثوذكسيّ".
(أ) ينطلق من الإيمان بالإله الواحد فيقول:
"إذاً نؤمن بإله واحد، بدءٍ واحد لا بدءَ له، غير مخلوق ولا مولود، لا يزول ولا يموت، أبديّ، لا يُحصر ولا يُحدّ، ولا يحاط به، لا تُحصر قوّته، بسيط وغير مركّب.. صانع كل المخلوقات مايرى منها وما لا يرى.. مترفّع عن كلّ جوهر لجلال جوهره، وكائن فوق كلّ الكائنات. فائق اللاهوت وفائق الصلاح وفيّاض. هو النور بالذات والصلاح بالذات والحياة بالذات والجوهر بالذات، لأن وجوده ليس من غيره ولا من كلّ الموجودات، لأنه هو ينبوع الوجود لها كلّها، وينبوع الحياة للأحياء والنطق للمتمتّعين بالنطق وعلّة جميع الخيرات للجميع. هو عالم بكلّ الأشياء قبل كيانها، وهو جوهر واحد ولاهوت واحد وقوّة واحدة ومشيئة واحدة وفعل واحد ورئاسة واحدة وسلطة واحدة، وتؤمن به كل خليقة ناطقة وتعبده".
ثم يضيف، مؤكّداً اتّحاد الأقانيم رغم تمييزها:
"فالأقانيم متّحدون دون اختلاط، ومتميّزون دون انقسام- وهذا أمر غريب-. هم آب وابن وروح قدس، بهم اعتمدنا. فإنّ الربّ قد أوصى تلاميذه أن يعمّدوا على النحو التالي قائلاً: "معمّدين إيّاهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متى 28: 19).